وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٤)
____________________________________
[٨٤] هذه الآية وطرفاها وردت في قصة النجاشي ملك الحبشة ، فإن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أرسل جعفر بن أبي طالب عليهالسلام مع جماعة من المؤمنين إلى النجاشي فأكرمهم وأعزّ وفادتهم ، ثم أنه بعث إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاثة من القسيسين فقال لهم : انظروا إلى كلامه ومصلاه. فلما وافوا المدينة دعاهم رسول الله إلى الإسلام وقرأ عليهم القرآن : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ) ـ إلى قوله ـ (سِحْرٌ مُبِينٌ) (١) ، فلما سمعوا ذلك من رسول الله بكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي وأخبروه خبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقرءوا عليه ما قرأ عليهم ، فبكى النجاشي وبكى القسيسون وأسلم النجاشي ولم يظهر للحبشة إسلامه وخافهم على نفسه وخرج من بلاد الحبشة يريد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلما عبر البحر توفي ، فنزلت هذه الآيات :
(وَإِذا سَمِعُوا) أي هؤلاء النصارى (ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ) من القرآن (تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) أي من البكاء (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِ) أي لمعرفتهم أن المتلوّ عليهم حق ، فإن الإنسان إذا عرف الحق ، رأى الخارج على خلافه ، أو رأى اضطهاد أهله ، بكى رقة على الحق أو القائم به (يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا) بدينك ورسولك (فَاكْتُبْنا) أي سجلنا ، سواء كان كتابة حقيقية أو لا (مَعَ الشَّاهِدِينَ) الذين شهدوا
__________________
(١) المائدة : ١١١.