الواحدى ومؤلفاته فى التفسير
وقد أجمع الذين ترجموا له على أن الواحدى ألّف فى التفسير ثلاثة كتب هى : «البسيط» و «الوسيط» و «الوجيز» ، وسنتحدث عن هذه الكتب فيما بعد.
«وقد ألّف الواحدى كتابا رابعا فى القرآن وهو كتاب : «مقاتل القرآن» (١)
ويقول صاحب مقدمة أسباب النزول : ولست أعرف عنه شيئا إلّا أنه كان موجودا حتى نهاية القرن الثامن ، وآية ذلك أنّ ابن رجب الحنبلى (٧٣٦ ـ ٧٩٥ ه) قد نقل منه فى كتابه ، ونص ما نقله : «روى الواحدى فى كتاب «مقاتل القرآن» بإسناد له : أنّ رجلا من أشراف أهل البصرة كان منحدرا إليها فى سفينة ، ومعه جارية له ، فشرب يوما وغنّته جاريته بعود لها ، وكان معهم فى السفينة فقير صالح ، فقال له : يا فتى ، أتحسن مثل هذا؟ قال : أحسن ما هو أحسن منه ـ وكان الفقير حسن الصوت ـ فاستفتح وقرأ : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ، أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ؛)(٢) فألقى الرجل ما بيده من الشراب فى الماء ، وقال : أشهد أنّ هذا أحسن مما سمعت ، فهل غير هذا؟ قال : نعم ، فتلا عليه : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ، فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها ..)(٣) الآية. فوقعت فى قلبه موقعا ، ورمى بالشراب فى الماء ، وكسر العود ، ثم قال : يا فتى ، هل هناك فرج قال : نعم (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٤) ، فصاح صيحة عظيمة ، فنظروا إليه فإذا هو قد مات ـ رحمهالله».
__________________
(١) هذا ما ذكره الأستاذ ـ سيد صقر فى (مقدمة أسباب النزول للواحدى ٢١).
(٢) سورة النساء : ٧٧ ـ ٧٨.
(٣) سورة الكهف : ٢٩.
(٤) سورة الزمر : ٥٣.