محذوف ؛ ويستغنى عن إظهاره لدلالة الحال عليه ، وهو معنى الابتداء ، كأنّه قال : بدأت (بسم الله) ، أو أبدأ (بسم الله). والحال تبيّن أنّك مبتدئ ، فاستغنيت عن ذكره.
وهى أداة تجرّ ما بعدها من الأسماء ، نحو «من» و «عن» و «فى» ، وحذفت الألف من (بسم الله) «فى الكتابة» (١) ، لأنّها وقعت فى موضع معروف لا يجهل القارئ معناه ، فاستخفّ طرحها ؛ وأثبتت الألف فى قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)(٢) لأنّ هذا لا يكثر كثرة (بسم الله) ؛ ألا ترى أنّك تقول : (بسم الله) عند ابتداء كلّ شىء (٣) ؛ ولا تحذف الألف إذا أضيف الاسم إلى غير الله ، ولا مع غير الباء من الحروف ، فتقول : «لاسم الله حلاوة فى القلوب ، وليس اسم كاسم الله» ؛ فتثبت الألف مع اللام والكاف (٤). هذا فى سقوطها فى الكتابة. وأمّا سقوطها فى اللفظ فلأنّها للوصل ؛ وقد استغنى عنها بالباء.
وعند البصريّين : أنّ «الاسم» مشتق من السّموّ ، لأنّه يعلو المسمّى ؛ فالاسم ما علا وظهر ، فصار علما للدّلالة على ما تحته من المعنى.
وعند الكوفيين : «الاسم» : مشتقّ من «الوسم ، والسّمة» : وهى العلامة ؛ ومن هذا قال أبو العباس ثعلب : «الاسم» : سمة يوضع على الشىء يعرف به.
والصحيح ما قاله أهل البصرة (٥) ؛ لأنّه لو كان مشتقّا من الوسم لقيل فى تصغيره «وسيم» ، كما قالوا : «وعيدة ، ووصيلة» ، فى تصغير : عدة وصلة. فلما قالوا : «سمىّ» ظهر أنّه من السّموّ لا من السّمة.
__________________
(١) الزيادة عن أ ، ب.
(٢) سورة الواقعة : ٧٤ ، ٩٦ ؛ وسورة الحاقة : ٥٢.
(٣) حاشية ج : «ولا تقول : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ) *».
(٤) عبارة الفراء : «فتثبت الألف فى اللام وفى الكاف ؛ لأنهما لم يستعملا كما استعملت الباء فى اسم الله» (معانى القرآن للفراء ١ : ٢).
(٥) قال صاحب (البحر المحيط ١ : ١٤): «البصرى يقول : مادته : سين وميم وواو ؛ والكوفى يقول : واو وسين وميم ؛ والأرجح الأول».