وأمّا (الله) فإن كثيرا من العلماء ذهبوا إلى أنّ هذا الاسم ليس بمشتقّ ، وأنّه اسم تفرّد به البارى سبحانه وتعالى ، يجرى فى وصفه مجرى الأسماء الأعلام ، لا يشركه فيه أحد ؛ قال الله تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)(١) أى : هل تعلم أحدا يسمّى الله غيره؟
وهذا القول يحكى عن الخليل بن أحمد بن كيسان ؛ وهو اختيار أبى بكر القفّال الشّاشىّ.
والأكثرون (٢) ذهبوا إلى أنّه مشتقّ من قولهم : «أله إلاهة» ؛ أى : عبد عبادة. وكان ابن عباس يقرأ : (ويذرك وإلاهتك) (٣) قال معناه : عبادتك ، ويقال : تألّه الرّجل ؛ إذا نسك (٤) ، قال رؤبة :
«لله درّ الغانيات المدّه» (٥) |
|
سبّحن واسترجعن من تألّهى |
ومعناه : المستحقّ للعبادة وذو العبادة الذى إليه توجّه العبادة وبها يقصد /.
وقال أبو الهيثم الرّازىّ : (الله) أصله «إلاه» (٦) ، قال الله تعالى : (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ)(٧) ، ولا يكون إلها [حتى يكون معبودا ، و](٨) حتّى يكون لعابده خالقا ورازقا ومدبّرا وعليه مقتدرا ؛ فمن لم يكن كذلك فليس بإله ، وإن عبد عبد ظلما ، بل هو مخلوق ومتعبّد (٩).
__________________
(١) سورة مريم : ٦٥.
(٢) أ : «والأكثرون منهم».
(٣) سورة الأعراف : ١٢٧. انظر (تفسير الطبرى ١ : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، ١٣ : ٣٨) و (كتاب القراءات الشاذة لابن خالويه ٤٥).
(٤) فى (اللسان ـ مادة : نسك ، أله): «نسك وتنسك ، أى تعبد. والتأله : التنسك والتعبد».
(٥) الزيادة عن أ ، والبيت فى (ديوان رؤبة ١٦٥) و (اللسان ـ مادة : أله ، مده) و (وتفسير الطبرى ١ : ١٢٣).
حاشية ج : «التمده : التمدح. والمده : المدح ، فهو جمع : ماده. وسبحن ، أى : قلن سبحان الله. واسترجعن ، أى : قلن إنا لله وإنا إليه راجعون. من تألهى ، أى : من تعبدى».
(٦) «على ـ فعال ـ بمعنى مفعول ، لأنه مألوه ، أى : معبود ..»» (اللسان ـ مادة : أله).
(٧) سورة المؤمنون : ٩١.
(٨) الزيادة عن قول أبى الهيثم مما نقله عنه صاحب (اللسان ـ مادة : أله).
(٩) المتعبد : المأمور بالعبادة ، كما فى (اللسان ـ مادة : عبد).