١٨ ـ قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ.)
قال الزّجّاج : معنى (شَهِدَ اللهُ) : ((١) بيّن الله وأظهر (٢)) ؛ لأنّ الشّاهد هو العالم الّذى يبيّن ما علمه. والله عزوجل قد دلّ على توحيده بجميع ما خلق ؛ فبيّن أنّه لا يقدر أحد أن ينشئ شيئا واحدا ممّا أنشأه (٣).
وقوله : (وَالْمَلائِكَةُ.)
: أى وشهدت الملائكة ، بمعنى : أقرّت بتوحيد الله ، لما عاينت من عظيم قدرته.
وقوله : (وَأُولُوا الْعِلْمِ.)
: أى وشهد بتوحيده أولو العلم بما ثبت عندهم.
قال مقاتل : هم مؤمنو أهل الكتاب. وقال عطاء عن ابن عبّاس : يعنى المهاجرين والأنصار. وقال السّدّى والكلبىّ : يعنى علماء المؤمنين كلّهم (٤).
وقوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ.)
: أى بالعدل ، كما يقال : فلان قائم بهذا الأمر : أى يجريه على الاستقامة والله تعالى يجرى التّدبير على الاستقامة فى جميع الأمور.
أخبرنا الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن رجاء ، أخبرنا الحسن بن سفيان ، حدّثنا عمّار بن عمر [بن](٥) المختار ، حدّثنا أبى ، عن غالب القطّان قال :
أتيت الكوفة فى تجارة ، فنزلت قريبا من الأعمش ، فكنت أختلف (٦) إليه ، فلمّا كانت ليلة ـ أردت أن أنحدر (٧) إلى البصرة ، فقام من اللّيل يتهجّد ، فمرّ
__________________
(١) (١ ـ ١) ب ، ج : «بين وأظهر الله».
(٢) (١ ـ ١) ب ، ج : «بين وأظهر الله».
(٣) انظر (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٨٧) و (تفسير القرطبى ٤ : ٤٢) و (تفسير البحر المحيط ٢ : ٤٠٢).
(٤) انظر هذه الأقوال فى (تفسير الطبرى ٣ : ٢٠٩ ، ٢١٠) و (تفسير القرطبى ٤ : ٤١) وقول الكلبى فى (أسباب النزول للواحدى ٩٢) وانظر (البحر المحيط ٢ : ٤٠٢).
(٥) عن (الجرح والتعديل لابن أبى حاتم : ٣ : ١ ، ٣٩٤).
(٦) حاشية ج : «أتردد فى خدمته ، وأتعلم منه شيئا».
(٧) حاشية ج : «أنحدر : أهبط ؛ أى أمشى إلى البصرة ، والانحدار : النزول من علو إلى سفل ؛ وإنما قال : أنحدر ؛ لأن البصرة فى غور بالنسبة إلى الكوفة».