: أى إلى سمائى ، ومحلّ كرامتى ، فجعل ذلك رفعا إليه ، للتّفخيم والتّعظيم.
(وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)
: أى مخرجك من بينهم ؛ لأنّ كونه من جملتهم بمنزلة التّنجيس (١) له بهم.
(وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.)
قال قتادة والرّبيع والكلبىّ ومقاتل : هم أهل الإسلام من أمّة محمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ اتّبعوا دين المسيح ، وصدّقوه بأنّه رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، فو (٢) الله ما تبعه من دعاه ربّا.
ومعنى (فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : بالبرهان والحجّة.
ويحتمل : بالعزّ والغلبة (٣).
ثمّ رجع من الغيبة إلى الخطاب فقال : (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) من الدّين وأمر عيسى.
ثمّ بيّن ذلك الحكم فقال :
٥٦ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا).
يعنى : بالقتل ، وسبى (٤) ذراريهم ، وأخذ الجزية.
(وَ) فى (الْآخِرَةِ) بالنّار (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) : ما لهم من يمنعهم من عذاب الله.
٥٧ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمّد وعيسى (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) : يتمّ لهم جزاءهم من الثّواب (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) : لا يرحمهم ولا يثنى عليهم ، وهم الّذين لا يطيعون الله ، فيما أمرهم به من الإيمان بالرّسل والكتب.
__________________
(١) أ ، ب : «التجنيس» (تحريف). فى (اللسان ـ مادة : نجس): «النّجس والنّجس والنّجس : القذر من الناس ، ومن كل شىء قذرته».
(٢) ب : «فرفعه الله» (تحريف). وهو قريب من قول قتادة ، والحسن البصرى والربيع ، انظره مفصلا فى (تفسير الطبرى ٣ : ٢٩٢) و (الدر المنثور ٢ : ٣٧) و (تفسير القرطبى ٤ : ١٠١ ـ ١٠٢) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٨ ـ ٣٩) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٢٦).
(٣) انظر (تفسير القرطبى ٤ : ١٠٢) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٢٦) و (الوجيز للواحدى ١ : ١٠٠).
(٤) «السبى والسباء : الأسر .. سبى العدو وغيره سبيا وسباء : إذا أسر فهو سبى ، وكذلك الأنثى بغير هاء من نسوة سبايا (اللسان ـ مادة : سبا). ويؤيده قول النحاس فى (معانى القرآن له ١ : ٤١٢) «عذابهم فى الدنيا : القتل ، والأسر وأخذ الجزية ..» وكذا القرطبى بزيادة : «والصلب» : (تفسير القرطبى ٤ : ١٠٢).