قال ابن عباس : يريد كما اتّخذت النّصارى عيسى ربّا ، واتّخذت بنو إسرائيل عزيرا (١).
قال الزّجاج : (٢) أى نرجع إلى أنّ معبودنا الله عزوجل ، وأنّ عيسى بشر ، كما أنّنا بشر ، فلا نتّخذه ربّا.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أعرضوا عن الإجابة ، فخالفوهم أنتم إنكارا عليهم ، (فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)
: أى مقرّون بالتّوحيد ، منقادون لما أتتنا به الأنبياء. (٣)
٦٥ ـ قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ)
قال ابن عبّاس والسّدّى وقتادة : اجتمعت اليهود ونصارى نجران عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فتنازعوا فى إبراهيم ، فقالت اليهود : ما كان إلّا يهوديّا ، وقالت النّصارى : ما كان إلّا نصرانيّا ؛ فنزلت هذه الآية. (٤)
وقوله : (وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ)
يريد : أنّ اليهوديّة حدثت بعد نزول التّوراة ، والنّصرانيّة ((٥) حدثت (٦)) بعد نزول الإنجيل ، وإنّما أنزل الكتابان بعد مهلك إبراهيم ـ عليهالسلام ـ بزمان طويل ، وليس فيهما اسمه بواحد من دين اليهود والنّصارى (٧).
واختلفوا فى اشتقاق (التَّوْراةُ) ، ووزنها من الفعل (٨).
فقال الفرّاء : هى فى الأصل «تورية» على وزن «تفعلة» ، فصارت الياء ألفا ؛ لتحرّكها وانفتاح ما قبلها (٩).
__________________
(١) كما فى (الوجيز فى التفسير للواحدى ١ : ١٠٣) وبنحوه فى (تفسير القرطبى ٤ : ١٠٧) وراجع قول الزجاج فيما بعد فى (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٣٢).
(٢) من قبل الله عزوجل : على ما فى (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٣٣) وانظر (الوجيز فى التفسير للواحدى ١ : ١٠٣).
(٣) كما فى (أسباب النزول للسيوطى ٣٩) و (تفسير القرطبى ٤ : ١٠٧) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٤٧) و (الدر المنثور ٢ : ٤٠) و (البحر المحيط ٢ : ٤٨٤).
(٤ ـ ٤) الإثبات عن ب ، ج. وانظر (الوجيز فى التفسير للواحدى ١ : ١٠٣).
(٥) قال الزجاج : هذه الآية أبين حجة على اليهود والنصارى ؛ إذ التوراة والإنجيل أنزلا من بعده ، وليس فيهما اسم لواحد من الأديان ، واسم الإسلام فى كل كتاب. (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٣٣ ، و (تفسير القرطبى ٤ : ١٠٧).
(٦) انظر هذا الخلاف فى (اللسان ـ مادة : روى) و (معانى القرآن للنحاس ١ : ٣٤١ ـ ٣٤٢) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٧٥) و (تفسير القرطبى ٤ : ٥) و (البحر المحيط ٢ : ٣٧٨).
(٧) عبارة الفراء كما نقلها عنه القرطبى : «[التَّوْراةُ] : أصلها «تورية» على وزن «تفعلة» التاء زائدة ، وتحركت الياء وقبلها فتحة فقلبت ألفا» (تفسير القرطبى ٤ : ٥).