وقال الخليل : وزنها «فوعلة» ، وأصلها «وورية» ، ولكن الواو الأولى (قلبت) (١) تاء ، كما قالوا : «تولج» (٢) وهو «فوعل» ، من ولجت ، وقلبت الياء ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، فصارت «تورية» (٣) ، وكتبت بالياء على أصل الكلمة.
وأمّا اشتقاقها : فحكى ابن الأنبارىّ عن الفرّاء قال : (التَّوْراةُ) معناها : الضّياء والنّور ؛ من قول العرب : ورى الزّند يرى ويورى : (٤) إذا أظهر النّار ؛ فالتّوراة سمّيت لظهور الحقّ بها.
وقال المؤرّج : (٥) هو من التّورية ؛ وهو التّعريض بالشّىء ، وكان أكثر التّوراة معاريض وتلويحا من غير إيضاح وتصريح. (٦)
وأمّا (الْإِنْجِيلُ) فقال الزّجاج : هو «إفعيل» من النّجل ، وهو الأصل. (٧)
وقال ابن الأنبارىّ : «إنجيل» : أصل للقوم الذين نزل عليهم ؛ لأنّهم يعملون بما فيه.
وقال قوم : (الْإِنْجِيلُ) : مأخوذ من قول العرب : نجلت الشّىء ، إذا استخرجته وأظهرته.
يقال للماء الذى يخرج من النّزّ : (٨) «نجل» ، واستنجل الوادى : إذا أخرج الماء ؛ فسمّى كتاب عيسى إنجيلا ؛ لأنّ الله تعالى أظهره للناس من بعد طموس الحقّ ودروسه.
وقال جماعة : «التّوراة ، والإنجيل ، والزّبور» : أسماء عرّبت من السّريانيّة
__________________
(١) ج : «قلبوها».
(٢) التولج : كناس الظبى أو الوحش الذى يلج فيه ، التاء فيه مبدلة من الواو : (اللسان ـ مادة : ولج).
(٣) أ : «توراة».
(٤) فى (اللسان ـ مادة : ورى) : وورى الزند يرى ، وورى يرى ويورى وَريا ووُريا ورية ، وهو وار وورى : اتقد».
(٥) المؤرج (كمحدث) : أبو فيد عمرو بن الحارث السدوسى النحوى البصرى ، أحد أئمة اللغة والأدب (حاشية تفسير القرطبى ٤ : ٣٤).
(٦) قال القرطبى : والجمهور على القول الأول ؛ لقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ) [سورة الأنبياء : ٤٨] يعنى التوراة : (تفسير القرطبى ٤ : ٥).
(٧) كلام الزجاج «وأما الإنجيل» فهو «إفعيل» من النجل ، وهو الأصل ، هكذا يقول جميع أهل اللغة فى إنجيل» (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٧٥).
(٨) «النز ـ بنون مفتوحة ، بعدها زاى مشددة ـ : هو ما يتحلب من الأرض من الماء» (عمدة القوى والضعيف للحضرمى ـ الورقة ٧ / و).