والعبريّة ، وليس يطّرد فيها قياس الأسماء العربيّة ؛ ألا تراهم يقولون لها بالسّريانيّة : «تورى أنكليون زفوتا» (١).
وقوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ؟)
: أى فساد هذه الدّعوى ؛ إذ العقل يزجر عن الإقامة على دعوى بغير حجّة.
٦٦ ـ قوله : (ها أَنْتُمْ)(٢) (ها) : حرف التّنبيه ، كأنّه قيل : انتبهوا من غفلتكم. (هؤُلاءِ) : يا هؤلاء (حاجَجْتُمْ) : جادلتم وخاصمتم (فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) : وهو ما وجدوه فى كتابهم ، وأنزل عليهم بيانه وقصّته.
(فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ)
: أى لم تجادلون فى شأن إبراهيم ، وليس فى كتابكم أنّه كان يهوديّا أو نصرانيّا؟ (وَاللهُ يَعْلَمُ) شأن إبراهيم (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
٦٧ ـ ثم بيّن حال إبراهيم فقال : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا)
برّأه الله تعالى ونزّهه عن الدّينين ، ووصفه بدين الإسلام ، فقال : (وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً ..)(٣) الآية.
ذكرنا معنى «الحنيف» فيما تقدّم (٤).
٦٨ ـ قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ)
: أى أقرب النّاس إليه ، وأحقّهم به (لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) على دينه وملّته (وَهذَا النَّبِيُ) يعنى : محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) يعنى : المهاجرين والأنصار والتّابعين ، ممّن آمن بمحمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
__________________
(١) قال الحضرمى : «تورى» : يعنى التوراة ، و «أنكليون» يعنى الإنجيل ، و «زفوتا» يعنى الزبور ؛ «فتورى» ـ بتاء معجمة بنقطتين من فوق مفتوحة ، وواو ساكنة بعدها راء مهملة ، وياء مطلقة وأظنها ممالة على اللغة العبرانية ، و «أنكليون» ـ بهمزة مفتوحة ، ونون بعدها ساكنة ، وكاف مفتوحة ، ولام ساكنة ، وياء معجمة بنقطتين من تحت مضمومة ، وواو ونون مطلقة ـ و «زفوتا» بزاى مفتوحة ، وفاء مضمومة ، وواو ساكنة ، وتاء معجمة بنقطتين من فوق ، وألف» : (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٧ / و).
(٢) حاشية ج ، و (تفسير القرطبى ٤ : ١٠٨): «الأصل فى (ها أَنْتُم) أأنتم ، فأبدل من الهمزة الأولى هاء لأنها أختها ؛ عن أبى عمرو بن العلاء والأخفش. قال النحاس : وهذا قول حسن ... والأحسن منه أن تكون الهاء بدلا من همزة فيكون أصله أأنتم ، ويجوز أن تكون «ها» للتنبيه دخلت على «أَنْتُمْ» ، وحذفت الألف لكثرة الاستعمال. و «أَنْتُمْ» مبتدأ خبره «هؤُلاءِ» و «هؤُلاءِ» أصله «أولاء» أدخلت عليها هاء التنبيه ، وهى فى موضع النداء ، يعنى يا هؤلاء أنتم».
(٣) تمام الآية : (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
(٤) راجع معناها فيما سبق من هذا الكتاب (١ : ٢٠٢) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٣٣). حاشية ج : «والحنيف : المائل عن الأديان كلها خاصا إلى الدين المستقيم».