أى : قبلتم عهدى (١) (قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا) : أى قال الله للنّبيّين اشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)(٢) عليكم وعليهم.
٨٢ ـ قوله : (فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ)
قال ابن عبّاس : يريد فمن أعرض عمّا جئت به ، وأنكر ما عاهد الله عليه.
وقال الزّجّاج : فمن أعرض عن الإيمان بعد أخذ الميثاق ، (٣) وظهور آيات النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)
: أى الخارجون عن العهد ، وعن الإيمان.
٨٣ ـ قوله : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ؟)(٤)
: أى أبعد أخذ الميثاق عليهم بالإيمان بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يطلبون دينا غير دين الله ـ وهو ما جاء به محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ؟
ومن قرأ بالتّاء ؛ (٥) فلأنّ ما قبله خطاب كقوله : (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ)(٦) ، والياء على الإخبار عنهم.
__________________
(١) انظر (الوسيط فى التفسير للواحدى ١ : ٤١٠ ، وتعليقة رقم ٣) و (تفسير القرطبى ٤ : ١٢٦) و (معانى القرآن للنحاس ١ : ٤٣٢) و (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٠٧).
(٢) حاشية ج : «واختلفوا فى معنى هذه الآية ، فذهب قوم إلى أن الله تعالى أخذ الميثاق على النبيين أن يبلغوا كتاب الله ورسالاته إلى عباده ، وأن يصدق بعضهم بعضا ، وأخذ العهد على كل نبى أن يؤمن بمن يأتى بعده من الأنبياء ، وينصره إن أدركه ؛ وإن لم يدركه أن يأمر قومه بنصرته إن أدركوه ؛ فأخذ الميثاق على موسى أن يؤمن بعيسى ، ومن عيسى أن يؤمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وقال الآخرون : إنما أخذ الميثاق منهم فى أمر محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من المعالم».
(٣) بعد هذا كما قال الزجاج : «على النبيين ؛ وأخذ الميثاق على النبيين : مشتمل على الأخذ على أممهم ؛ أى فمن تولى بعد أخذ الميثاق ، وظهور ..» (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٤٦).
(٤) قال ابن عباس : اختصم أهل الكتابين إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما اختلفوا بينهم من دين إبراهيم ، كل فرقة زعمت أنها أولى بدينه ، فقال النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كلا الفريقين برىء من دين إبراهيم» ، فغضبوا وقالوا : والله ما نرضى بقضائك ، ولا نأخذ بدينك ؛ فأترك الله تعالى : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) (أسباب النزول للواحدى ١٠٨) وانظر ما ذكره الواحدى فى سبب نزول هذه الآية عند الآية رقم : ٧٩ من هذه السورة ، و (تفسير القرطبى ٤ : ١٢٧).
(٥) «قرأ أبو عمرو وحده (يَبْغُونَ) بالياء على الخبر (وإليه ترجعون) بالتاء على المخاطبة. وقرأ حفص وغيره : (يَبْغُونَ) و (يُرْجَعُونَ) بالياء فيهما ؛ لقوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) ، وقرأ الباقون بالتاء فيهما على الخطاب ..» (تفسير القرطبى ٤ : ١٢٧) وانظر (السبعة فى القراءات ٢١٤) و (إتحاف فضلاء البشر ١٧٧) و (النشر فى القراءات العشر ٢ : ٢٤١).
(٦) سورة آل عمران : ٨١.