قال ابن عبّاس : يريد خسر ثواب الله ، وصار إلى عذاب الله ، وخسر الحور العين (١).
وقال الزّجّاج : يعنى خسر عمله ؛ (٢) حيث لم يجاز به الجنّة والثّواب.
٨٦ ـ قوله : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ؟)
قال ابن عبّاس : يعنى اليهود قريظة والنّضير ، ومن دان بدينهم ، كفروا بالنّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، بعد أن كانوا قبل مبعثه مؤمنين به ، (٣) وكانوا يشهدون له بالنّبوّة ، فلمّا بعث ، وجاءهم بالآيات والمعجزات كفروا بغيا وحسدا.
ومعنى (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ)
: أى لا يهديهم الله ، كما قال ابن الرّقيات : (٤)
كيف نومى على الفراش ولمّا |
|
تشمل الشّام غارة شعواء |
: أى لا نوم لى ، ولا أنام.
ومثله قوله : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ)(٥).
: أى لا يكون لهم عهد.
قال الزّجّاج : أعلم الله تعالى أنّه لا جهة لهدايتهم ؛ لأنّهم قد استحقّوا أن يضلّوا بكفرهم ؛ لأنّهم قد كفروا بعد البيّنات (٦).
(٧) ([وَشَهِدُوا) : أى بعد أن شهدوا (أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌ])(٧))
__________________
(١) حاشية ج : «الحور : جمع الحوراء ، وهو تأنيث الأحور ، والعين أيضا جمع : العيناء ، وهو تأنيث الأعين ، والأحور : هو الذى حسن عينه».
(٢) قال الزجاج : والدليل على ذلك قوله عزوجل : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) [سورة محمد : ١] : (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٨٨).
(٣) حاشية ج : «أى بعد إيمانهم بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى التوراة». روى بنحوه ، مختصرا ، عن ابن عباس ، وكذا ـ مطولا عن الحسن ، كما فى (الدر المنثور ٢ : ٤٩) وبدون عزو في (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٤٨).
(٤) هو عبيد بن قيس الرقيات ، والبيت فى (ديوانه : ٩٥) برواية :
يشمل الشام ..
وبعده :
تذهل الشيخ عن بنيه وتبدى |
|
عن خدام العقيلة العذراء |
وهو فى (اللسان ـ مادة : شعا) و (الأغانى للأصفهانى ١٧ : ٢٧٢) و (تفسير القرطبى ٤ : ١٢٩) و (معانى القرآن للفراء ١ : ٤٣٢) برواية المصنف.
وهو من قصيدة يمدح فيها مصعب بن الزبير ، ويفتخر بقريش ، ويريد بالغارة على الشام : الغارة على عبد الملك بن مروان.
(٥) سورة التوبة : ٧.
(٦) قوله هذا فى (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٤٨) بزيادة فى آخره : «التى هى دليل على صحة أمر النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ..
(٧ ـ ٧) ما بين الحاصرتين عن قول الواحدى ، كما فى (الوجيز فى التفسير للواحدى ١ : ١٠٩).