التمهيد
لمحة تاريخية عن مناهج التأليف وأشكال التصنيف
عند مؤرّخي الإسلام
على الرغم من الغموض الذي ما زال يكتنف بدايات التدوين التاريخي عند العرب فإنّه قد نال في أواخر القرن الثالث للهجرة وبدايات القرن الرابع للهجرة تطوّراً في المنهج والطريقة واستمرّ على ذلك خلال القرون التالية ، غير أنّ الآراء في منهجية الكتابات التاريخية ظلّت متضاربة متباينة ، فلا يستطيع الباحث تقديم صورة واضحة لهذا الموضوع بالارتكاز عليها إلاّ إذا استقرأ المادّة بنفسه وأعاد النظر في نتائجها التي توصّل إليها الباحثون(١).
فعرب ما قبل الإسلام كانوا بسبب معيشتهم يفضّلون حفظ أيّامهم وأحداثهم عن طريق الرواية الشفهية على هيأة أشعار مقصّدة أو أخبار متفرّدة(٢) ، فهو في الواقع شيء من الأساطير الشعبية والقصص المنقولة بالتواتروشيء أخذ من هنا وهناك ومزج مزجاً ، فكان نواة مادّة التاريخ كعلم الذي بدأ يظهر في القرن الثاني الهجري ، وعندما بدأ الشروع بالتدوين واجهته عقبة التمييز بين المادّة التي يبنى عليها المؤرّخ أحكامه التاريخية
__________________
(١) علم التاريخ ، دائرة المعارف الإسلامية ٣/٢٦.
(٢) تاريخ التراث العربي١/٣٩٥.