والتصنيف فيه ، فمنهم من رأى أنّ مبتدأ هذا العلم ـ أي علم الرجال ـ هو من قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُواقَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(١).
فهو دعوة لتمييز النبأ والخبر بين كون الناقل له فاسقاً أو عادلا(٢). وقد أكّدهذه الدعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله : «أيّها الناس قد كثرت عليَّ الكذّابة فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار»(٣).
ثمّ جاء قول الإمام عليّ عليهالسلام مشيراً إلى بدايات هذا العلم ومنبّهاً على أهمّيته «... عن سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لأمير المؤمنين عليهالسلام : إنّي سمعت من المقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبيّ الله غير مافي أيدي الناس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ الله (صلى الله عليه وآله) أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل ، أفَترى الناس يكذبون على الرسول متعمّدين ويفسّرون القرآن بآرائهم ... قال : فأقبل عليهالسلام عليّ فقال : قدسألت فافهم الجواب : إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً وصدقاً وكذباًوناسخاً ومنسوخاً وعامّاً وخاصّاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً ، وقدكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده حتّى قام خطيباً فقال : (أيّها الناس قدكثرت عليَّ الكذّابة فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار) ثمّ كذب عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان متصنّع الإسلام لا يتأثّم ولا
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ٦.
(٢) بحوث في مباني علم الرجال : ٧ ، علم الرجال وأهمّيته : ٢.
(٣) أصول الكافي ١/٦٢.