لتوقّف الاستنباط عليها كما يتوقّف على غيرها ، وذلك لأنّ جلّ الأحكام التي بين أيدينا وصلت عبر الروايات المسندة بأسانيد غير مقطوعة الصحّة والاعتبارويحتاج تنقيح الصحيح منها إلى نظر دقيق وعناية فائقة لمعرفة صحّة الطريق إلى الرواية ليصبح إسنادها إلى المعصوم جائزاً والعمل بمقتضاهامقبولا(١).
وبما أنّ الرواة هم الوسائط البشرية التي تبلغ التشريعات الإلهية إلينا فمنهم نأخذها ونتقيّد بها فلابدّ إذن من إحراز أمانتهم في إبلاغها حتّى نكون على ثقة ممّا أوصلوه إلينا حقّاً ، ويحصل لنا الاطمئنان بأنّ ما أبلغوه هوحكم الله ، وقد تأسّس علم الرجال على هذا الأساس المهمّ والضروري ، وهو منشأ اهتمام علماء الشريعة بهذا العلم لأهمّية ما يترتّب عليه من أهداف وخطورة ما يبنى عليه من النتيجة(٢). قال العلاّمة الحلّي : «فإنّ العلم بحال الرواة من أساس الأحكام الشرعية وعليه تبنى القواعد السمعية ، ويجب على كلّ مجتهد معرفته وعلمه ولا يسوغ له تركه وجهله ، إذ أكثر الأخبارعن الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهمالسلام فلابدّ من معرفة الطريق إليهم»(٣).
بدايات علم الرجال :
لقد اختلفت الآراء بل شطّت أحياناً في بيان بدايات علم الرجال
__________________
(١) بحوث في فقه الرجال : ٤١.
(٢) المنهج الرجالي والعمل الرائد في الموسوعة الرجالية لسيّد الطائفة الإمام البروجردي : ٥٨.
(٣) خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : ٤٤ ، ينظر : رجال ابن داود : ٢٥.