وطالما ذكره السيّد الخرسان دام ظلّه على لسانه بكثرة ، وكان يُسمِع عن حقِّه وفضله ومساهمته بحفظ التراث القاصي والداني ، كنت وبصراحة لاأعرف شيئاً عن مكانته لولا ذكر سماحة السيّد الخرسان دام ظلّه له.
٣ ـ قال سماحة المحقّق الحجّة السيّد محمّد رضا نجل السيّد حسن الخرسان دام ظلّه ، بعدما سألته عن أحوال المؤلِّف رحمهالله قال : كان المرحوم الهمداني أحد ثلاثة كنت أهابهم ، وهم من مصاديق الآية الشريفة : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً)(١) ، وهو رجل جليل القدر ، مثال الورع ، صالح ذو شيبة ، وكان له ولع باستنساخ الكتب الخطّية النادرة ، وقيل لي إنّ أهل بلدته يرجعون إليه في الفتيا ، وكانت تربطه بالسيّد الوالد رحمهالله علاقة طيِّبة ، وكان إذا مشى يخفض طرفه نظراً إلى الأرض ولا يلتفت يمنة ويسرة.
٤ ـ قال الشيخ محمّد علي دخيّل في كتابه نجفيّات ص٢٦٨ ، ما نصّه : «الشيخ شير محمّد جنديٌّ مجهول من جنود الله جلَّ جلاله ، فهو بالإضافة إلى تحصيله العلمي يستنسخ الكتب الخطّية النفيسة لأجل تكثير نسخها ، وحفاظاً عليها من التلف».
٥ ـ في آخر ليلة من شهر ربيع الثاني من سنة ١٤٢٩ هـ ، وفي مكتبة الروضة العباسيّة المقدَّسة أجهدت نفسي في تحقيق أحد مؤلّفاته ـ وهو كتاب سند الخصام ـ إلى صلاة الفجر ، بعدها نمتُ فرأيت رؤيا تدلّ على منزلة المؤلِّف رحمهالله ، فأحببت أن أسرد مضمونها ، بعدما أخبرت سماحة السيّد الخرسان دام ظلّه فاستعبر لذكراه ، وأشار علىَّ بذكرها ، وهي كما يأتي :
رأيت فيما يرى النائم : أنّ ورقة بيضاء ساطعة النور ، سقطت علىّ من
__________________
(١) سورة الفرقان : ٦٣.