تشيُّع جرير بن عبدالحميد الضَّبِيُّ الْكُوفيُّ :
وَمِمَّنْ عَدَّهُ السّيدُ قدسسره مِنْ (رجال الشّيعة) اعتماداً على قَوْل ابن قُتَيْبَةَ في (المعارف) : (جرير بن عبد الحميد ، الضَّبِيُّ الْكُوفيُّ)(١).
وَليسَ هوَ من الشيعة ، كَما يَظْهَرُ مِنْ أحْوالِهِ ، وَما مَدَحَهُ بِهِ أعلامُ الجُمهورمن التقيّة وَالأمانةِ وَالْعِلْمِ ، مَعَ عَدَمِ إِشارَتِهِمْ إلى كَوْنِهِ شَيْعِيّاً أَوْ : فيهِ تَشَيِّعٌ ؛ فَقَدْ قالَ الذهبىُّ فيه : «عالِمُ أَهل الرَيّ ، صَدُوْقٌ»(٢).
وَلَوْ كانَ شيعيّاً لَغَمَزَهُ بذلك.
وابْنُ قُتَيْبَةَ لا يُعْتَمَدُ على قَوْلِهِ في نِسْبَةِ الرجالِ اِلى المِلَلِ وَالنَّحلِ إذا انْفَرَدَ بِذلِكَ ؛ فَقَدْ عَدَّ يحيى بن سعيد القطّان ، وسُفْيان الثوريّ ، من الشيعة مَعَ أَنَّهُما منَ الْمُنْحَرِفِيْنَ عَنْ مَذْهَبِ الْعِتْرَةِ الطاهِرَةِ ، كَما هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ سيرَتِهِما ، على ما مَرَّ الإلماع إليه.
وَقد نَقَلَ سيّدنا شرفُ الدين قدسسره في تَرْجمةِ (سالِمِ بن أبي حَفْصَةَ الْعِجليّ الْكُوْفيِّ) الُْمحَدِّثِ الشّيعيّ الثّقَةِ ، عَنْ عَليّ ابْنِ الْمَدِيْنيّ ـ الذي هُوَ أَحَدُشُيُوْخِ الْبُخاريّ ـ أَنَّهُ قالَ : «سَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ : تَرَكْتُ سالِمَ بْنَ أَبي حَفْصَةَ ؛ لأَنَّهُ كانَ خَصْمَاً للشّيعَةِ ـ أَيْ يُخاصِمُ لَهُمْ(٣) خُصَماءَهُمْ ـ»(٤).
فَمَنْ كانَ على هذا النَّحْو مِنَ التّجافي عن المُنْقَطِعِينَ لأهل البَيْتِ ، وَناقِلي اَحاديثهم ـ بآعْترافِهِ هُوَ ، كَما سَمِعْتَ ـ فَكَيْفَ يُعَدُّ شِيعِيّاً؟!.
وَمِنَ الْمُسْتَغْرَبِ جِدّاً أَنْ يَنْظِمَ السَّيّدُ ـ طابَ ثَراهُ ـ جَريرَ بْنَ عبد الحميدالمذكور في سِلْكِ أَعْلام الشيعَةِ (٥) ، مَعَ ما نَقَلَهُ عَنِ ابْنِ الْمَدائِنيّ مِنْ
__________________
(١) المراجعات : ١١٣.
(٢) ميزان الاعتدال ١ / ٣٩٤ / ١٤٦٦.
(٣) يُخاصِمُ لَهُمْ : أَيْ يُجادِلُ عَنْهُمْ.
(٤) المراجعات : ١٢٧.
(٥) المراجعات : ١٢٧.