اخرى لم يتعرّض هو لها ممّا تزيد في الحجّة وتبين في المحجّة.
فمن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ)(١) قال : «إنّها مختصّة بأمير المؤمنين ، وقال : إنّه أوّل من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وساق الحديث إلى أن قال : ويروى أنّ أباطالب قال لعليّ : أي بني ما هذا الذي أنت عليه؟! قال : يا أبت آمنت بالله ورسوله ، وصدّقته فيما جاء به ، وصلّيت معه لله تعالى ، فقال : ما أنّ محمّداً لا يدعوا إلاّ إلى خير فالزمه»(٢).
وذكر الثعلبي أيضاً في تفسير قوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ)(٣) : «عن ابن عبّاس قال : اجتمعت قريش إلى أبي طالب ، وقالوا : يا أباطالب ، سلّم إلينا محمّداً فإنّه قد أفسد ديننا ، وسبّ آلهتنا ، وهذه ابناؤنا بين يديك تبيّن أيّهم شئت ، ثمّ دعوا عمارة بن الوليد(٤) وكان مستحسناً ، فقال لهم : هل رأيتم ناقة حنّت إلى غير فصيلها إلاّ كان ذلك أباً ، ثمّ نهض عنهم ودخل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) فرآه كئيباً وقد علم بمقالة قريش ، فقال يا محمّد ، لا تجدن :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
|
حتّى أوسّد في التراب دفينا |
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة |
|
وابشر بذاك وقرّ منك عيونا |
__________________
(١) سورة الواقعة٥٦ : ١٠.
(٢) نقلاً عن : الطرائف ١/١٩ ، الصراط المستقيم ١/٣٣٣ ، بحار الأنوار ٣٨/٢٥١.
(٣) سورة الأنعام ٦ : ٢٦.
(٤) عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، ومات كافراً؛ لأنّ قريشاً بعثوه إلى النجاشي فجرت له معه قصّة ، فأُصيب بعقله ، وهام مع الوحش. وذكر أنّه ممّن دعا النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)عليهم من قريش لمّا وضع عقبة بن أبي معيط سلى الجزور على ظهره.
الإصابة ٥/٢٨٣ ، دلائل النبوّة ١/٦٤ ، تاريخ اليعقوبي ٢/٢٥.