لولا الملامة أو تكون معرّة(١) |
|
لوجدتني سمحاً بذاك مبينا |
قال الشيخ المفيد : «فأن تعلّق أحد بما يؤثر عنه من قوله ...
لولا الملامة .. البيت
وقالوا : هذا الشعر يتضمّن أنّه لم يؤمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يسمح له بالإسلام خوف المعرّة والتّسفيه ، وكيف يكون مؤمناً مع ذلك ، فيقال إنّ أبا طالب لم يمتنع من الإيمان برسول الله (صلى الله عليه وآله) في الباطن والإقرار بحقّه من طريق الديانة ، وإنّما امتنع من ذلك لئلاّ تسفه قريش ، وتذهب رئاسته ، ويخرج منها من كان تابعاً له في طاعته ، وتنحرف هيبته عندهم ، فلا يُسمع له قول ، ولا يمثل له أمر ؛ فيحول بينه وبين مراده من نصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولا يتمكّن من غرضه في الذبّ عنه ، فاستتر منهم الإيمان ، وأظهر ما كان
__________________
النبيّ(صلّى الله عليه وسلم) من صلاته ، ثمّ أتى أبا طالب عمّه فقال : ياعمّ ألا ترى ما فعل بي ، فقال أبو طالب : من فعل هذا بك؟! فقال النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) : عبدالله بن الزبعرى فقام أبو طالب ووضع سيفه على عاتقه ومشي معه حتّى أتى القوم ، فلمّا رأواأبا طالب قد أقبل جعل القوم ينهضون ، فقال أبو طالب : والله لئن قام رجل لجلّلته بسيفي فقعدوا حتّى دنا إليهم ، فقال : يا بني من الفاعل بك هذا؟ فقال : عبدالله بن الزبعرى ، فأخذ أبو طالب فرثاً ودماء فلطّخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم وأساء لهم القول؛ فنزلت هذه الآية : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) ، فقال النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) : يا عمّ نزلت فيك آية ، قال : وما هي؟! قال : تمنع قريشاً أن تؤذيني وتأبى أن تؤمن بي؟! فقال أبو طالب الأبيات» ، تفسير القرطبي ٦/٤٠٥ ـ ٤٠٦.
على أنّ عبارة (وتأبى أن تؤمن بي) فهي لاشكّ إنّها موضوعة ، وما أكثر الوضع في كتب الحديث والتفسير والتاريخ على شخص أبي طالب على الرغم ممّا يذكروه في كتبهم من أدلّة قاطعة على إيمانه. المحّقق.
(١) وردت عند ابن إسحاق : «لولا الملامة أو حذاري سبّة».