مذهبه النحوى
يعد ابن خالويه من كبار النّحويين ، وله آثار فى النّحو ظاهرة ، وكتاباه «إعراب القراءات» و «إعراب ثلاثين سورة» يدلان على معرفة كاملة فى النّحو والإعراب ، وذكر أقوال علماء النّحو واختلافاتهم ، والمقارنة بين آرائهم ، ومحاولة التّوفيق بينها ، ولكنّه ـ كما قلنا ـ متردّد بين البصريين والكوفيين ، وإن كانت كفّة التّرجيح تميل إلى الكوفيين أكثر ، وسبق أن سمعنا قول ابن النّديم (١) : «خلط المذهبين».
ويقول الشيخ كمال الدين أبو البركات ابن الأنبارى فى نزهة الألباء (٢) : «ولم يكن فى النّحو بذاك».
نعم : ابن خالويه إنما تميز باللّغة واشتهر بها ، ولا يلزم من اشتهاره باللّغة وتّميزه فيها أن يكون مقصّرا فى النحو ، وإنما غلب عليه الاهتمام اللغوىّ ؛ وذلك أن كتبه فى اللغة سارت وانتشرت واشتهرت ، وأما كتبه فى النحو : ك «الجمل» و «المبتدأ» فلم يكتب لها من الرّواج بين الطلبة ما كتب لتلك ، ولعل هذا هو مراد الشيخ كمال الدين ـ رحمهالله ـ ؛ لأنّه لا يتصور أن يكون الشيخ عالما فى اللّغة مقصرا فى النحو ، وهما علمان يرتبط أحدهما بالآخر ارتباطا وثيقا لا يتصور استغناء أحدهما عن الآخر ، ولكن من العلماء من يبدع فى أحدهما أكثر من إبداعه فى الآخر ، وهكذا كان الإمام ابن خالويه مبدعا فى اللّغة ، له جهود ظاهرة مشكورة فى النّحو والتّصريف والقراءات والتّفسير ، له مشاركة جيّدة فى معرفة الحديث والفقه وأصوله ... وهكذا كان العلماء رحمهمالله وخاصة الأفذاذ منهم.
* * *
__________________
(١) الفهرست : ٩٢.
(٢) نزهة الألباء : ٣١٣.