مع سيف الدّولة الحمدانيّ.
أخبار ابن خالويه مع سيف الدّولة كثيرة ، ثم مع ولده شريف من بعده ، ثم مع بعض آل حمدان ، وفى شرح ابن خالويه لديوان أبى فراس مظهر من مظاهر هذه المودّة أيضا. ولو تتبعنا هذه الأخبار لطال بنا الحديث ، ولخرجنا عن قصدنا من هذا التقديم ، فنكتفى ببعض هذه المظاهر. نقل المؤرخون عن ابن خالويه أنه قال : (١) «ودخلت يوما على سيف الدولة ابن حمدان فلما مثلت بين يديه قال لى : اقعد ، ولم يقل : اجلس ، فتبيّنت بذلك اعتلاقه بأهداب الأدب ؛ واطلاعه على أسرار كلام العرب» قال ابن خلّكان ـ رحمهالله ـ : «وإنما قال ابن خالويه هذا ؛ لأن المختار عند أهل الأدب أن يقال للقائم : أقعد ، وللنائم والساجد اجلس ...»
فلعلّ هذا كان فى أوّل لقائه به ، ولشدّة هذه المحبّة القائمة على إعجاب الإمام ابن خالويه بسيف الدّولة ، ومحاولته المحافظة على هذه العلاقه ، كان شديد التّلطّف معه ، كثير الأنس به ، يقدره حقّ قدره.
قال ابن خالويه فى كتاب «ليس» قلت لسيف الدولة ابن حمدان قد استخرجت فضيلة ل (حمدان) جدّ سيّدنا لم أسبق إليها وذلك أنّ النّحويين زعموا أنّه ليس فى كلام العرب مثل رحيم وراحم ورحمان إلا نديم ونادم وندمان وسليم وسالم وسلمان فقلت كذلك حميد وحامد وحمدان».
جاء فى تعليق ابن خالويه على عشرات أبى عمر الزاهد (٢) : «يقال : الندغ والنّدغ كذلك ذكره ابن دريد فى «الجمهرة». وهذا أول حرف فى اللّغة سألنى عنه سيف الدّولة».
وهذا من باب التّقرب والمنادمة ، ولحرص ابن خالويه على هذه المكانة كان
__________________
(١) وفيات الأعيان : ٢ / ١٧٨.
(٢) العشرات : ٧٣.