إنّ المنهج العقلي يعدّ الأساس في تقويم النصوص التاريخية ، وعلى ضوء هذا المنهج تتّضح لنا أنّ الرواية التي ذكرها السيوطي واضحة الوضع ، ولكن في المقابل فإنّ العقل يقبل رواية الحوار التي دارت بين المعسكرين ، وإنّ طلب الإمام الحسين عليهالسلام تركه ليذهب في هذه الأرض العريضة كما وردفي النصّ هو الأقرب إلى المنهج المنطقي العقلي لحركة الإمام الحسين عليهالسلام(١) لاالاستسلام المهين الوارد في رواية السيوطي ، فكيف ينبغي لشخص أن يستسلم بعد أن قتل أهل بيته وأصحابه؟ هذا وإنّ دعوى ذهابه ليزيد بن معاوية وإصلاح الأمر كما عبّر عنه عمر بن سعد في رسالة مرسلة إلى ابن زياد ، فقد كذّبها الشاهد العيان عقبة بن سمعان وروى عدّة روايات نقل منهاالطبري في تاريخه معتمّداً المنهج المتعدّد للرواية التاريخية ، وبهذا المنهج فقد فسح مجالا واسعاً لنقد هذه الروايات وذلك وفق المنهج العقلي المقارن بين الشخصية وعوامل قبولها الأفعال والأقوال وعدمه ، ابتناءً على مراعاة أحوال شهود العيان من المتحاربين والمنعزلين عن المعركة في مدى وثاقة الراوي واخلاصه في الدفاع عمّا شاهد وعاين وهو يسمع المنقول وقدجاء بخلاف الواقع ، وهكذا هو موقف الشاهد الذي يردّ الأخبار التي هوأكثر من غيره معرفة بها.
عقبة بن سمعان في كتاب الرجال :
ذكره الشيخ الطوسي (ت٤٦٠ هـ) في رجاله من أصحاب الإمام
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤١٤.