تلامذة النوري عدّة سنين تغمرنا فيها روحانية ذلك العالم الربّاني المقدّس وننعم بعطفه الأبوي ، نعبّ من منهله العذب النمير حتّى اختار الله له دار الإقامة في سنة١٣٢٠ ، وكسر سدّ مأرب فتفرّقنا أيدي سبأ ، فانتشر الكثير من طلاّبه في البلدان وعاد بعضهم إلى إيران واشتغل فريق في السياسة وتصدّى آخر للرئاسة ، وكنت وكاشف الغطاء ممّن بقي في النجف يواصل الدراسة فكانت تنتظمنا حلقة درس الحجّتين الكبيرين السيّد محمّد كاظم اليزدي والشيخ الآخوند المولى محمّد كاظم الخراساني نضّر الله وجهيهما وحلقات غيرهما من كبار المدرّسين ومشايخ الاجتهاد المحقّقين ، وظلّت المودّة بيننا محفوظة تنمو بمرور الأيّام والأخوّة صادقة لم يزدها تقادم العهد إلاّ رسوخاً ووثوقاً حتّى اختار الله له جواره وسبقني إلى لقاء ربّه في سنة ١٣٧٣ هجرية.
لقد كان كاشف الغطاء شخصيّة فذّة ، ومجتهداً مجدّداً له وزنه الرّاجح ومكانه الرّفيع ، لأنّه لم يقصر على علم أو فنّ بل كان فقيهاً جليلا وأصوليّاً محقّقاً وفيلسوفاً بارعاً ومتكلّماً فاضلا ومفسّراً جميلا ومحدّثاً ثقة وأديباً كبيراً وشاعراً عبقريّاً ومؤرّخاً خبيراً ووو ..... ، هو في غنىً عن الذكر والإطراء فمؤلّفاته العديدة في مختلف العلوم كفيلة بإظهار مكانته وإخلاد ذكره ، والأسف إنّ معظمها لا يزال مخطوطاً في مكتبته الضّخمة وأهل الفضل محرومون منه.
وفي هذه الآونة حمل إليّ ولده الفاضل الشيخ شريف كاشف الغطاء وفّقه الله تعالى هذا الكُتيّب الصغير الحجم من آثاره الجليلة وأعلمني بأنّ العلاّمة الجليل السيّد محمّد علي القاضي حفظه الله ونفع به عازم على حمله معه إلى إيران لإحيائه بالنشر ، فسرّني ذلك ولم أستكثره على السيّد القاضي الفاضل فهو من صفوة تلاميذ المرحوم كاشف الغطاء ، وعارف بمكانته ومن