أجابه عليهالسلام : «فأنت في حلٍّ»(١) وعلى أثر هذا الاتّفاق أقام الضحّاك في معسكرالإمام الحسين عليهالسلام ، ولم تشر الرواية إلى مصير الشخص الآخر وهو مالك الأرحبي بعد اعتذاره عن المشاركة بأيّ شكل منها.
وعند قراءة هذه الرواية يبدو أرجحية أنّ الاتّفاق حصل يوم التاسع أو ليلة العاشر ، إذ تتحدّث الرواية عن الاتفاق والتزام الأطراف به ، وقد أخذ صفته النهائية وفيها يقول الضحّاك واصفاً حالته : «فأقمت معه ، فلمّا كان الليل قال : هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ... الخ»(٢).
في هذه الرواية والتي تليها وصف لاجتماع يقرّر فيه الإمام الحسين عليهالسلام السماح للجميع بترك المعركة لأنّه هو المقصود منها لا غير ، وهذاالعرض من قبل الإمام عليهالسلام ليس للاختبار كما يظنّ البعض فإنّ فيه من الجدّية ما يثير العجب ، فالعطف والشفقة والرحمة مثار الافتخار والإعجاب في سلوك الإمام الحسين عليهالسلام في قبال متعلّقيه ، بل حتّى مقاتليه فقد كانت خطّته الميدانية أن يقاتل وحده لذلك أخبر الجميع بقوله : «ليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم حتّى يفرّج الله ، فإنّ القوم يطلبوني ... الخ»(٣) ، جوبهت هذه الكلمات بمعارضة شديدة وتقريع للنفس فأوّل المتكلّمين : «إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر»(٤) والردود كانت طويلة وبمختلف العبارات الرافضة ـ بأدب ـ لمثل
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٥ / ٤١٩.
(٢) المصدر السابق ٥ / ٤١٩.
(٣) المصدر السابق ٥ / ٤١٩.
(٤) المصدر السابق ٥ / ٤١٩.