عن أبي مخنف ، إنّ إيراد مثل هذه الروايات يدعم الحقيقة التاريخية إلى حدٍّ ما ، ولم نعرف ما جاء في رواية الضحّاك المنقولة عن كتاب المقتل لأبي مخنف لأنّ الأصل قد فقد وبقيت المرويّات التي اعتمدها الطبري في تاريخه.
إنّ رواية الإمام زين العابدين عليهالسلام تبيّن عدّة جوانب مهمّة ، أهمّها العامل النفسي الذي أكّد عليه الإمام الحسين عليهالسلام فقد سمح لأصحابه مغادرة أرض المعركة بل للجميع حتّى أهل بيته ، فقد ورد عنه في رواية الإمام زين العابدين : «فانطلقوا جميعاً في حلٍّ ، ليس عليكم منّي ذمام ، هذا ليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً»(١) ، وهو إذن عامٌّ منه عليهالسلام لجميع أصحابه وأهل بيته وله علاقة بما تمّ الاتفاق عليه بينه وبين الضحّاك المشرقي الذي تركه في آخرالمعركة وانصرف.
إنّ الاتفاق الحاصل بين الطرفين تبيّنه الرواية التي تصف كيفية حصول الاتفاق ، ولكن لم تذكر الرواية مكان الاتفاق ولا زمانه ولكن يبدو من قراءة الرواية أنّ اللقاء تمّ في الطريق إلى كربلاء أو في الأيّام الأولى أو اليوم الأخير قبل العاشر(٢) وقبل مجيء جيش عمر بن سعد ، الرواية تتحدّث عن شخصين هما الضحّاك ومالك بن النضر الأرحبي ودعوة الإمام الحسين عليهالسلاملهما لنصرته فاعتذر الأخير واتفق الأوّل اتفاقه الغريب بقوله : «إن جعلتني في حلٍّ من الانصراف ، إذا لم أجد مقاتلاً قاتلت عنك ما كان لك نافعاً وعنك دافعاً»(٣) ، فكان جواب الإمام الحسين عليهالسلام بالقبول ، فقد
__________________
(١) المصدر السابق ٥ / ٤١٨.
(٢) الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء ٤ / ٣٣٩.
(٣) تاريخ الطبري ٥ / ٤١٨.