دقيقاً ، وتأتي أهمّية هذه الروايات باعتباره الشاهد الذي رأى الأحداث والوقائع بعينه وسمع بأُذنه ، يذكرله الطبري عدّة من الروايات التي رواها عن المعركة ، الأولى : موردها أبي مخنف يحيى بن لوط (ت١٥٠هـ) ، فقد صرّح الطبري بمورده لهذه الرواية إذ ذكر : «قال أبو مخنف : وحدّثني عبد الله بن عاصم الفائشي عن الضحّاك بن عبدالله المشرقي»(١) ، ثمّ يذكر أنّ المشرقي نسبة إلى بطن من بطون قبيلة همدان المعروفة(٢) وهي من القبائل اليمانية التي ناصرت الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وله مدح لها ، والرواية تصف بإيجاز أنّ الإمام الحسين عليهالسلام قام بجمع أصحابه للمشورة وأخذ القرارات فيما يبدو ، وكان سبب الجمع والمشورة لورود التهديد والإنذار ليوم واحد ، فقد روي عن الإمام زين العابدين عليهالسلام قوله : «أتانا رسول من قبل عمر بن سعد فقام مثل حيث يُسمع الصوت ، فقال : إنّا قد أجّلناكم إلى غد ، فإن استسلمتم سرّحنا بكم إلى أميرنا عبيد الله بن زياد ، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم»(٣).
لقد أشار الطبري إلى رواية الجمع المروية عن الضحّاك المشرقي وقد اكتفى بلفظ (قد جمع أصحابه) ثمّ نقل التفصيلات من طريق آخر أكثر دقّة ووثاقة ، وهذا من منهجه في ذكر الطرق المتعدّدة للرواية ، فقد جاءه بالتفصيلات عن الإمام زين العابدين عليهالسلام ، فبعد أن ذكر الطريق الأوّل بسنده ولفظه الموجز نقل بالطريق الآخر تفصيلات أكثر دقّة عن الإمام زين العابدين عليهالسلام وهو من أهمّ شهود المعركة على الإطلاق ، والروايتان مرويّتان
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤١٨.
(٢) المصدر السابق ٥ / ٤١٨.
(٣) المصدر السابق ٥ / ٤١٨.