__________________
ـ محيي الدين بن العربيّ ، وذكر فيها عقائد زائغة ، ومسائل خارقة لإجماع المسلمين ، فكتب العلماء على ذلك بحسب ظاهر السؤال ، وشنّعوا على من يعتقد ذلك من غير تبين وتثبت.
والشيخ عن ذلك بمعزل قال : فلم أدر أوجد ابن الخياط تلك المسائل في كتاب مدسوس على الشيخ ، أو فهمها هو من كلام الشيخ على خلاف مراده!.
قال : والذي أقوله وأتحققه وأدين الله تعالى به أن الشيخ محيي الدين كان شيخ الطريق حالا وعلما ، وإمام التحقيق حقيقة ورسما ، ومحيي علوم العارفين فعلا واسما.
إذا تغلغل فكر المرء في طرف |
|
من مجده غرقت فيه خواطره |
لأنه بحر لا تكدره الدّلاء ، وسحاب لا تتقاصر عنه الأنواء ، كانت دعواته تخرق السبع الطباق ، وتفترق بركاته فتملأ الآفاق ، وإني أصفه وهو يقينا فوق ما وصفته ، وناطق بما كنيته ، وغالب ظني أني ما أنصفته :
وما عليّ إذا ما قلت معتقدي |
|
دع الجهول يظن العدل عدوانا |
والله والله والله العظيم ومن |
|
أقامه حجّة للدين برهانا |
إن الذي قلت بعض من مناقبه |
|
ما زدت إلا لعلمي زدت نقصانا |
وأمّا كتبه فهي البحار الزّواخر التي ما وضع الواضعون مثلها ، ومن خصائصها أنه ما واظب أحد على مطالعتها إلا وتصدّى لحل مشكلات الدين ومعضلات مسائله ، وهذا الشأن لا يوجد في غير كتبه أبدا.
وأمّا قول بعض المنكرين أنّ كتب الشيخ لا يحل قرائتها ولا أقراؤها فكفر ، وقد قدّموا إليّ سؤالا صورته : ما تقول في الكتب المنسوبة إلى الشيخ محيي الدين بن العربي كالفتوحات والفصوص ، هل يحل قرائتها وإقراؤها؟ وهل هي من الكتب المقروءة أم لا؟
فأجبت : نعم. هي من الكتب المسموعة المرويّة المقروءة ، وقد قرأها عليه الحافظ البرزاني وغيره ، ورأيت إجازة بخط الشيخ محيي الدين على حواشي الفتوحات المكيّة بمدينة قونية ، وكتابه طبقة بعد طبقة من العلماء والمحدّثين ، فمطالعة كتب الشيخ قربة لله تعالى ، ومن قال غير ذلك فهو جاهل زائغ عن طريق الحق.
ولقد كان الشيخ محيي الدين في زمنه صاحب الولاية العظمى والصديقية الكبرى فيما نعتقده وندين الله به ، خلاف ما عليه جماعة ممن مقتهم الله تعالى فحرموا فوائده ، ووقعوا في عرضه بهتانا وزورا ، وحاشا جنابة الكريم أن يخالف نبيّه صلىاللهعليهوسلم الذي استأمنه على شرعه ، ومن أنكر عليه وقع في أخطر الأمور ، وقد رأيت إجازة بخط الشيخ كتبها للملك الظاهر بيبرس صاحب حلب ، ورأيت في آخرها : «وأجزت له أيضا أن يروي عني جميع مؤلفاتي ، ومن جملتها كذا وكذا» حتى عدّ نيفا وأربعمائة مؤلف.