بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) والصلاة على محمد وآله الطاهرين
قال محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني رضي الله عنه سألتم وفقكم الله للخيرات إملاء كتاب في بيان المشكلات من الآيات المتشابهات وما اختلف العلماء فيه من حكم الآيات ولعمري إن لهذا التحقيق بحرا عميقا ولا يكاد يوجد منه إلا ألفاظ في كتب كبار المتكلمين أو نكت في بعض تفاسير المحققين العدليين وقلما يحضر ذلك للطالبين فأجبتكم إلى ذلك مع تقسم الفكر وضيق الصدر وشغل القلب ووعثاء السفر وفقدان الكتب فمنها ما ابتدأناه ومنها ما سبقنا إليه فحررناه ومنها ما وجدناه مختلا فحققناه والمتشابه ما لا يعلم المراد بظاهره حتى يقترن به ما يدل على المراد منه لالتباسه وقال ابن عباس المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ وقال مجاهد المحكم ما لم يشتبه معناه والمتشابه ما اشتبهت معانيه وقال الجبائي المحكم ما لا يحتمل إلا وجها واحدا والمتشابه ما يحتمل وجهين فصاعدا وقال جابر المحكم ما يعلم تعيين تأويله والمتشابه ما لا يعلم تعيين تأويله وقيل ما لا ينتظم لفظه مع معناه إلا بزيادة أو حذف أو نقل وسمي متشابها لأنه يشبه المحكم وقيل لاشتباه المراد منه بما ليس بمراد والمتشابه في القرآن إنما يقع فيما اختلف الناس فيه من أمور الدين نحو قوله (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) ومنها أن يحتمل معنيين أو ثلاثا أو أكثر فيحمل على الأصوب مثل (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) و (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) ومنها ما يزعم فيه من مناقضة نحو (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) وقوله (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) وقوله (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ومنها ما هو محكم فيه غرضه مثل قوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وما يتبع ذلك من الغوامض التي يحتاج إلى بيانها ويستخلص منها إما بموضوع اللغة أو بمقتضى العقل أو بموجب الشرع والحكمة في إنزال المتشابه الحث على النظر الذي يوجب العلم دون الاتكال على الخبر من غير نظر وذلك أنه لو لم يعلم بالنظر أن جميع ما يأتي به الرسول ص حق لجوز أن يكون الخبر كذبا