(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) أي ليس لها عمد يسندها لأنه لو كان لها عمد لرأيتموها فلما لم تر دل على أنه ليس لها عمد ولو كان لها عمد لكانت أجساما عظيمة حتى يصح منها إقلال السماوات ولو كانت كذلك لاحتاجت إلى عمد آخر فكان يتسلسل فإذا لا عمد لها بل الله يمسكها حالا بعد حال بقدرته التي لا توازيها قدرة قادر وقال مجاهد لها عمد لا ترونها وَسَأَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ خَالِدٍ الرِّضَا ع عَنْ قَوْلِهِ (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) فَقَالَ ع مَحْبُوكَةٌ إِلَى الْأَرْضِ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. لعله ع أراد بذلك قوله (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) لأنه لو كان لها عمد لكانت أجساما عظيمة كثيفة لأنه لا يقل مثل السماوات والأرض إلا ما فيه الاعتمادات العظيمة ولو كانت كذلك لرأيناها ولأدى إلى التسلسل.
قوله سبحانه :
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) ظاهر الآية يقتضي أن العرش الذي تعبد الله الملائكة بحمله كان مخلوقا قبل السماوات والأرض وقد اختاره المرتضى وقال الجبائي في الآية دلالة على أنه كان قبل السماوات والأرض الملائكة لأن خلق العرش على الماء لا وجه لحسنه إلا أن يكون فيه لطف لمكلف أو يمكنه الاستدلال به فلا بد إذا من حي مكلف وقال الرماني لا يمتنع أن يتقدم خلق الله لذلك إذا كان في الإخبار بتقدمه مصلحة للمكلفين وهو اختيار الطوسي.
قوله سبحانه :
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) وجه الاحتجاج بخلق السماوات على الله تعالى ولم يثبت بعد أنها مخلوقة أن تعاقب الضياء والظلام يدل على حدوث الأجسام ثم إنها على تقدير كونها مخلوقة قيل الاستدلال به لأن الحجة به قامت عليه من حيث إنها لم تنفك من المعاني المحدثة.
قوله سبحانه :
(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) استدل الرماني بهذه الآية