مقدّمة
فى القرآن وعلومه ومنهجى في التأليف
القرآن الكريم : كتاب ختم الله به الكتب ، وأنزله على نبى ختم به الأنبياء ، بدين عام خالد ختم به الأديان.
فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق ، وقانون السماء لهداية الأرض ، أنهى إليه منزله كلّ تشريع ، وأودعه كلّ نهضة ، وناط به كلّ سعادة.
وهو حجة الرسول وآيته الكبرى : يقوم في فم الدنيا شاهدا برسالته ، ناطقا بنبوته ، دليلا على صدقه وأمانته.
وهو ملاذ الدين الأعلى : يستند الاسلام إليه في عقائده وعباداته ، وحكمه وأحكامه ، وآدابه وأخلاقه ، وقصصه ومواعظه ، وعلومه ومعارفه.! وهو عماد لغة العرب الأسمى : تدين له اللغة في بقائها وسلامتها ، وتستمدّ علومها منه على تنوعها وكثرتها ، وتفوق سائر اللغات العالمية به في أساليبها ومادّتها.
وهو ـ أولا وآخرا ـ القوّة المحوّلة التى غيّرت صورة العالم ، ونقلت حدود الممالك ، وحوّلت مجرى التاريخ ، وأنقذت الانسانية العاثرة ، فكأنما خلقت الوجود خلقا جديدا.! لذلك كله ، كان القرآن الكريم موضع العناية الكبرى من الرسول صلىاللهعليهوسلم وصحابته ، ومن سلف الأمة وخلفها جميعا إلى يوم الناس هذا.
وقد اتخذت هذه العناية أشكالا مختلفة ، فتارة ترجع إلى لفظه وأدائه ، وأخرى إلى أسلوبه وإعجازه ، وثالثة إلى كتابته ورسمه ، ورابعة إلى تفسيره وشرحه إلى غير ذلك.