ويمكن أن نعترض أن فى ذلك اقتباسا من الأبيقورين فبالنسبة لهم المهم هو الحياة التى يعيشونها ، ولا يعنى الموت بالنسبة لهم شيئا ، وما يأتى بعد الموت لا يهمهم فى شىء ، إذا فلننتهز الملذات التى تقدمها لنا حياتنا العاجلة فليس هناك خلود ولا بعث بعد الموت ، فحسب قولهم فالنفس هى فى حقيقتها جسم ، ولا يجب أن تكون غير ذلك ، وهى مكونة من ذرات ، وعند ما يخترم الموت هذه الذرات لا يبقى منها شىء ، وكما يقول أبيقور : «الموت لا يعنى عندنا شيئا لأننا عند ما نكون أحياء فلا موت ، وعند ما يأتى الموت لا يكون لنا وجود ، والإنسان المتشبث بالخوف من الموت والحياة الأخرى سوف يقدر تماما ملذات الحياة الفانية ، والتى لم يعد لها خلود «ديوجن ليرس (٥ ، ٤ ، ١٩)» وعند أبيقور الآلهة مكونون من ذرات لطيفة جدا ، ويعيشون فى عدد لا متناهى ، وفى أنواع لا متناهية توجد فى العالم ، وهم لا يهتمون إلا بسعادتهم فقط «الطبيعة الإلهية (٢ ، ٥١).
وكون القرآن يقتبس من الأبيقوريين دليل على أن هذا المذهب كان له معتنقون فى الجزيرة العربية ، فى زمن عقائدهم ، ولا بد أنهم اعتنقوا هذا المذهب دون أن يعلموا مؤلفه وهو ما يحدث كثيرا فى تاريخ البشرية.
ولكننا نتوقف عن هذا الجزء من معارضتنا ، وإلا فإن هذا الهللينى سيقع فى نفس الأخطاء التى ارتكبها أتباع هيرشفيلد وأتباع جولدتسيهر وأتباع هوروفيتز والآخرون.