لقد أثيرت مسألة الألفاظ غير العربية فى القرآن منذ القرن الأول الهجرى (السابع الميلادى) حيث دخل الفقهاء المسلمون فى مجادلات واسعة بين مؤيد ومعارض.
(ا) فمن بين الذين ينفون وجود مثل هذه الكلمات نجد الشافعى (ت ٢٠٤ ه / ٨٢٠ م) ، وهو مؤسس المذهب الفقهى الشافعى ، وأبو عبيدة (ت ٢١٠ ه / ٨٢٥ م) عالم فقه اللغة ، ومحمد بن جرير الطبرى (ت ٣١٠ ه / ٩٢٣ م) ، وهو المؤرخ العظيم وأشهر مفسرى القرآن ، وأبو بكر الطيب الباقلانى (ت ٤٠٣ ه / ١٠١٤ م) ، وهو الفقيه الأشعرى ، وأبو الحسن ابن فارس (ت ٣٩٥ ه / ١٠٠٥ م) عالم فقه اللغة ، وقد بنى هؤلاء قضيتهم على آيتين قرآنيتين هما (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(١) و (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ)(٢).
وقالوا أيضا إنه لو كان العرب غير قادرين على الإتيان بنصوص مشابهة للقرآن فكان من الممكن أن يحتجوا بأن القرآن يحتوى على لغات لا يفهمها العرب.
(ب) ومن بين الذين قالوا بأن القرآن يشتمل على كلمات غير عربية نذكر فى المقام الأول عبد الله بن عباس (ت ٦٨ ه / ٦٨٨ م) ، وتلميذه عكرمة (ت ١٠٥ ه / ٧٢٣ م) ، ثم أبو موسى الأشعرى (ت ٤٢ ه / ٦٦٢ م) ، وقد أثبتوا أن فى القرآن ألفاظا غير عربية ووضعوا لها قائمة.
وقد تقيد المنكرون بشيء بديهى وهو أن هذه الكلمات الموجودة فى تلك القائمة موجودة فى القرآن وفى بعض اللغات الأخرى التى ذكرها مخالفوهم ، والمنكرون يشرحون هذا التوافق قائلين مثل الطبرى هذه الأمثلة جاءت من احتمال توافق لغات أخرى مختلفة فى التعبير عن شىء ما بمحض الصدفة
__________________
(١) سورة يوسف ، آية (٢).
(٢) سورة فصلت ، آية (٤٤).