تبقى ثلاث كلمات من التى أوضح الزركشى فى قائمتيه أنها رومية والسيوطى عن شهيد الله وهم طفقا ـ رقيم ـ سرى ، وشهيد الله هو اسم عرف به «عزيزى بن عبد الملك» صاحب كتاب «البرهان في مشكلات القرآن» ، وقد كان فقيها وخطيبا مات فى بغداد عام (٤٤٩ ه / ١١٠٠ م) ، وليس هناك أى شخص آخر بنفس الكنية ، وليس بإمكاننا أن نجد أصلا يونانيا أو لاتينيا لهذه الكلمات ، ففيما يتعلق بكلمة رقيم يجب أن نشير إلى أنها ترجمت بأشكال متنوعة عند مفسرى القرآن المسلمين فقيل هى اسم كلب [الكهف آية : ٩] ، وقيل هى اسم مكان فى جهة قريبة من الكهف ، وأما عند المستشرقين فإن تورى (Torrey) يعتقد أن هذه الكلمة تحريف لكلمةDeclus امبراطور بيزنطه (٢٤٩ ـ ٢٥١) ، والذى خلال حكمه لجأ هؤلاء الشبان المسيحيون السبعة إلى كهف قريب من «إيفاز» Ephese ، ويفترض هوروفيتز فى (دراسات قرآنية ص ٩٥) أن الرقيم كتابه مكتوبة على جدار الكهف وهو افتراض خاطئ تماما مثل افتراض نورى (فى دراسات شرقية مقدمة إلى إ ـ ج براون ١٩٢٢ ص ٤٥٧ ، ٤٥٩) ، أما بالنسبة للفعل طفق والذى اشتق منه المثنى (طفقا) فهو فى المعاجم العربية من أفعال المقاربة إذا فما الذى دفع شهيد الله أن يبحث له عن أصل يونانى؟
ونقول نفس الشيء عن الكلمة الثالثة «سرى» فقد فهمت على أنها صفة بمعنى ، رائع ، بهى ، جميل ، ولكن فى المعاجم العربية لها معنى آخر هو «جدول ماء تحت النخل لريه» (القاموس الفرنسى العربى كازي ميرسكى) ، وهذا هو المعنى الذى تعطيه قائمنا الزركشى والسيوطى والذى دفع شهيد الله إلى الاعتقاد بأن أصله يونانى أو لاتينى ، وفى لسان العرب لابن منظور نقرأ : السرى هو النهر ويقول ثعلب أيضا هو «الجدول أو السيل الذى يروى النخيل والجمع أسرية وسريان ذكره سيبويه ، وقال ابن عباس سرى هو الجدول ، وهذا رأى اللغويين ، وقد ذكر أبو عبيد البيت الذى يصف فيه لبيد نخيلا مزروعا حول ماء النهر وهو :
سحق يمتعها الصفا وسريه |
|
عمّ نواعم بينهن كروم |