إذا «فبول» يرى أن محمدا كان يعرف القراءة والكتابة ولكنه فقط لم يقرأ التوراة مباشرة وإلا لما كان من الممكن أن يهان لمرات عديدة فى نقله أو تسجيله لعبارات أو قصص توراتية وحسب قول بول فإن محمدا لم يكن يعرف التوراة والأناجيل إلا من خلال الذين علموها له.
ولكى نوضح ذلك فكيف نفسر كلمة «أمى» حسب رأى «بول» بأنها مشتقة من أمة بمعنى شعب ، أى : أنها تعنى غير دينى أى : أن محمد رجل غير عالم بالأمور الدينية أى : جاهل دينيا وفيما يتعلق بنبى مؤسس دين فإن هذا الوصف مثير للسخرية إذ كيف يمكن أن يصف النبى محمد (صلىاللهعليهوسلم) نفسه أمام اليهود والنصارى بأنه رجل جاهل بالمسائل الدينية ؛ ولذلك نرى «بول» أكثر عبثية من فنسك وهورفيتز.
* كتب نللينو (NAllino) حول الموضوع مقالا صغيرا نشر بعد موته ضمن أعماله الكاملة (الأعمال والمخطوطات المنشورة وغير المنشورة) المجلد الثانى فى روما (١٩٤٠ م) صفحة (٦٠ ـ ٦٥) تحت عنوان «معانى المفردات القرآنية».
«أمى» ذلك اللفظ المنطبق على محمد وكذلك الأميين حيث يؤيد الرأى القائل بأن أمى مشتقة من الأمة العربية ، وهذا هو الرأى الذى وجدناه فى لسان العرب لابن منظور ولكنه أورده مبتسرا دون أن يوضح أن العرب لم يكونوا فى مجملهم يعرفون الكتابة أو القراءة ويرى نللينو أن «أمى» تأخذ بعدا عرقيا أو متعصبا للقومية.
ورأى «نللينو» لا يمكن أن يقبل على أى حال لأنه قائم على فرضية خاطئة تماما وهى أن محمدا مرسل فقط إلى الأمة العربية كما كان موسى مرسلا إلى شعب إسرائيل وعيسى مرسلا إلى أمة فلسطينية (ما هى لا أحد يعرف) ان خطأ تلك الفرضية المتعصبة يبدوا واضحا للعيان وذلك لأن :
(أ) النبى محمدا صلىاللهعليهوسلم أرسل فى سنة (٦٢٨ م) خطابات إلى ملوك العالم الأربعة فى عهده وهم : هرقل الثانى إمبراطور بيزنطة ، وكسرى أنو شروان ملك الفرس ، والمقوقس حاكم مصر ، وملك الحبشة وهذا يوضح بجلاء أن