أولها : توفير العناية بكتاب الله وبما يتصل به من العلوم.
ثانيها : مرافقتها إماما مشرقيا ومغربيا هو من رجال القرن الثاني. فهي تعرض أقواله وآراءه في التفسير مع لفت النظر إلى طريقة تثبيت منهجه التفسيري الذي اعتمده وتأثّر به الإمام الطبري. وذكر الخصائص التي تميّزه عن غيره من مصنفات العصر الأول في التفسير. وكان الاعتماد في ذلك كله على أصول التحقيق العلمي من المقارنة بين النّسخ الخطية المعتمدة وبيان اختياراتها منها ، وضبط النص ضبطا كاملا مع الإشارات العديدة لمختلف رواياته. واعتدادها في تقديم ما ظفرت به من هذا التفسير المتكاملة أجزاؤه على نسخة العبدلية التي تعتبر ، كما أنبأتنا بذلك محققته ، أطول قطعة استرسلت فيها السور والآيات بانتظام. وأضافت إليها في هذا التحقيق ما أفادته بعد النقد والتمحيص من نسخة حسن حسني عبد الوهاب ونسخة القيروان.
وثالثها : شدّ القارىء المسلم إلى إيمانه الثابت وعقيدته الصحيحة وفهمه القويم ، وصرف عامة الناس عما يخالط كتاب الله من التفاسير السقيمة من أعمال المضلين من أوهام وتخيلات وافتراءات وتخرصات ، هو بعيد عنها ومصون منها. قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٩) [الحجر : ٩] ، ودعا عزوجل للإفادة منه بقوله : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٢٩) [ص : ٢٩] ، ووصف المنهج السوي الذي حمل عليه عباده المؤمنين بقوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (٢٨) [الكهف : ٢٨].
وما من شك في أن الاعتماد على تفسير أصحاب السليقة من الرعيل الأول من الصحابة والتابعين أقوى وأمتن لاستناده إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في رواية التفسير عنه ، ولسلامة لغتهم وصحة فهمهم فيما أدلوا به في ذلك من عند أنفسهم. وتفسير هذه الجمهرة الأولى هو الصالح لأن يكون مطية ومقدمة للوقوف على ما جاء بعدها من التفاسير الواسعة الصحيحة المعروفة ، والمشهود لأصحابها بالثقة والعلم ، والمعتمدة لدى جمهور المسلمين في استجلاء حقائق التنزيل.
وفي هذا من النهوض بالدعوة إلى الحق وإلى سلوك سبيل المتقين في الانقياد لما جاء به الكتاب من توجيه وأدب وتشريع. نرجو للأستاذة المحققة مزيد التوفيق في أعمالها العلمية ، وحصول النفع بما دبجته وتكتبه في خدمة القرآن والإسلام.
|
الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة جدّة ١ ربيع الأوّل ١٤٢٥ |