سلام كما أحفظ القرآن الكريم ، وأحفظ فقه أبي حنيفة ، وأحفظ موطأ مالك ، وأحفظ بعد ذلك كثيرا من دواوين العرب وأشعارها [القرشي. الجواهر المضية : ٣ / ١٥٢ ـ ١٥٦ ، الزركلي : ٨ / ١٤٨].
وقد كتب هذا التفسير في القرن الثاني للهجرة. يروي فيه ابن سلام الأحاديث بإسناده إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والآثار عن الصحابة والتابعين غير متحرّج عند اختلاف الروايات من إبداء رأيه فيها ونقدها والترجيح بينها ، كما ضم إلى تفسيره ذكر القراءات واللغات ، والمكي والمدني من الآيات ، والناسخ والمنسوخ منها ، وتكلم فيه على الأحكام الفقهية وغيرها.
ولهذه الأهمية البالغة المميزة له في بداية عصر رواية التفسير عن الرسول صلىاللهعليهوسلم وصحابته وتابعيهم ، والتي جعلت منه حلقة مستقلة عن التفاسير السابقة كتفسير مجاهد وعن اللاحقة كتفسير ابن جرير الطبري ، قامت الأديبة والفقيهة الدكتورة هند شلبي أستاذة مادة علم التفسير والدراسات القرآنية بالجامعة الزيتونية بتحقيق جزء كبير من تفسير يحيى بن سلام.
وقد حظيت بما هيأه الله لها للقيام بهذا المهم بما جمعته من الاختصاصين : الأدب والدراسات الإسلامية. ولم يغلب عليها الاتجاه الأول الذي أثبتته في ممارساتها العلمية الجامعية بمشاركتها في وضع المعجم الفلسفي ، إذ وهبت نفسها للقرآن الكريم منذ نشأتها وبرعاية والدها المغفور له ، بإذن الله ، الشيخ العلامة الأستاذ أحمد شلبي أحد مدرسي جامع الزيتونة ، فحفظته حفظا كاملا برواية قالون عن نافع ، كما حصلت على الإجازة في أصول الدين ١٩٦٨ ، وانتسبت في الحلقة الثالثة إلى الاختصاص في القرآن ١٩٨١.
وأصدرت من الدراسات والكتب تحقيقا وتأليفا :
* كتاب التصاريف : تفسير القرآن مما اشتبهت أسماؤه وتصرّفت معانيه ليحيى بن سلّام. ١٩٧٩. وهو معجم للألفاظ المشتركة القرآنية.
* والقراءات بإفريقية من الفتح إلى منتصف القرن الخامس الهجري ، وهو موضوع رسالتها لدكتوراه الحلقة الثالثة ، ١٩٨٣.
* والتفسير العلمي للقرآن بين النظريات والتطبيق ١٩٨٥.
* وعنوان الدليل من رسوم خط التنزيل لابن البناء المراكشي ١٩٩٠ وهو تفصيل قواعد رسم المصحف.
وهذا الاتجاه المتميز القائم على دراسة الجوانب المختلفة من القضايا الأساسية والأصلية للقرآن الكريم لغة ورسما وتفسيرا قد هيأها لتحقيق هذا المصنف لأحد كبار المفسّرين في المرحلة الأولى من المدرسة النبوية. ولها في ذلك ثلاثة مقاصد :