(وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) أي : حاجات ، واحدتها : مأربة ، بفتح الراء وضمّها (١).
قيل : كان إذا طال الغصن حناه بالمحجن ، وإذا أراد كسره لواه بالشّعبتين ، وإذا سار ألقاها على عاتقه وعلق بها إداوته وقوسه وكنانته ، وكان يقاتل بها السباع ويدفعها بها عن غنمه ، إلى غير ذلك من المنافع.
وقيل : كانت تضيء له بالليل ، وتدفع عنه الهوام ، وتثمر له إذا اشتهى الطعام.
فإن قيل : حصل الجواب بقوله : (هِيَ عَصايَ) ، فما الفائدة في ذكر ما بعده؟
قلت : روي عن ابن عباس : أنه لما أجاب بقوله : هي عصاي ، قيل له : فما تصنع بها؟ فأجاب بذلك عن السؤال الآخر (٢).
وقال سعيد بن جبير : أظهر فوائدها خوفا أن يؤمر بإلقائها كالنعلين (٣).
وقال بعض العلماء : بيّن منافعها لئلا يعدّ عابثا [بحملها](٤).
فإن قيل : لم أجمل بقوله : (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) ولم يفصّل بتعداد منافعها كلها؟
قلت : لعله تعرّض بذكر الإجمال إلى الزيادة في السؤال بأن يقال له : وما تلك المآرب ، فيزداد بذلك كرامة وأنسا ، ولعله كره أن يشتغل عن كلام الله تعالى بتعداد
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة : أرب).
(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٢٧٨).
(٣) مثل السابق.
(٤) في الأصل : بتحملها. والمثبت من زاد المسير (٥ / ٢٧٨). وهو قول الماوردي (٣ / ٣٩٩).