(فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) مفسر في هود (١) إلى قوله : (فَاسْلُكْ فِيها) أي : أدخل في سفينتك ، يقال : سلك فيه ؛ إذا دخله ، وسلك غيره وأسلكه (٢).
وما بعده ظاهر أو مفسر إلى قوله : (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً).
وقرأ أبو بكر عن عاصم : " منزلا" بفتح الميم وكسر الزاي (٣). فالأول مصدر بمعنى الإنزال ، تقول : أنزلته إنزالا ومنزلا. والثاني اسم لمكان النزول.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي جرى لنوح مع قومه وحديث السفينة (لَآياتٍ) لعبرا ودلالات على عظمة الله تعالى وقدرته وشدة انتقامه من أعدائه ومكذبي رسله ، (وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) أي : وما كنا إلا مبتلين ، أو هي المخففة من الثقيلة ، على معنى : وإنّ الشأن كنا مبتلين. أي : مصيبين قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد.
وقيل : المعنى : (وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) لمختبرين بهذه الآيات عبادنا ، لننظر من يعتبر ويذّكّر ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر : ١٥].
(ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ
__________________
(١) عند الآية رقم : ٣٧.
(٢) انظر : اللسان (مائدة : سئلك).
(٣) الحجة للفارسي (٣ / ١٨١) ، والحجة لا بن زنجلة (ص : ٤٨٦) ، والكشف (٢ / ١٢٨) ، والنشر (٢ / ٣٢٨) ، والإتحاف (ص : ٣١٨) ، والسبعة (ص : ٤٤٥).