وقد أخرج الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : «يا رسول الله! الذين يؤتون ما أتوا هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال : لا يا ابنة الصديق ، ولكن هم الذين يصومون ويتصدقون ويخافون أن لا يتقبل منهم ، أولئك الذين يسارعون في الخيرات» (١).
وفي هذا الحديث ترجيح لقراءة عائشة رضي الله عنها.
ومعنى قوله : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) يبادرون إلى الأعمال الصالحة رغبة فيها لخوفهم وصحة علمهم برجوعهم إلى من يجازيهم على أعمالهم.
ويجوز أن يراد بمسارعتهم في الخيرات : ما أنعم به عليهم في عاجل الدنيا من الإعزاز والإكرام وحسن الثناء بين الناس ، كما قال تعالى : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [العنكبوت : ٢٧] ، وقال الله تعالى : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) [آل عمران : ١٤٨].
قوله تعالى : (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) قال الفراء والزجاج (٢) : المعنى : وهم إليها سابقون.
وقال الزمخشري (٣) : المعنى : فاعلون السبق لأجلها ، أو سابقون الناس لأجلها ، أو إياها سابقون ، أي : ينالونها قبل الآخرة حيث عجّلت لهم في الدنيا ، ويجوز أن يكون (لَها سابِقُونَ) خبرا بعد خبر.
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٢٧ ح ٣١٧٥).
(٢). معاني الفراء (٢ / ٢٣٨) ، ومعاني الزجاج (٤ / ١٧).
(٣) الكشاف (٣ / ١٩٥).