قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ) قال المفسرون : لما بيّن الله تعالى كراهتهم لحكم الرسول قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : والله لو أمرتنا بالجهاد والخروج من ديارنا لخرجنا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وعند قوله : (قُلْ لا تُقْسِمُوا) ؛ تمّ الكلام.
(طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) قال الزجاج (٢) : تأويله : طاعة معروفة أفضل وأحسن من قسمكم بما لا تصدّقون فيه ، فحذف خبر الابتداء للعلم به.
وقال غيره : يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي : أمركم والذي يطلب منكم طاعة معروفة (٣).
(إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) من صالح وطالح ، وعليه مجاز.
ثم أمرهم الله تعالى بالطاعة فقال : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا) : هذا خطاب لهم. المعنى : فإن تتولوا ، فحذف إحدى التاءين.
(فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) أي : ليس على الرسول صلىاللهعليهوسلم إلا ما حمّله الله والقيام بأعباء الرسالة ، وأداء ما استودعه من تبليغها ، وقد فعل ذلك فلا ضرر عليه ، (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) أي : ما كلّفتم من الإيمان والطاعة.
(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) توفّقوا لإصابة الحق.
قال بعض السلف : من أمرّ السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ، ومن أمرّ الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة ؛ لقوله تعالى : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٣٢٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٥٦).
(٢) معاني الزجاج (٤ / ٥١).
(٣) انظر : التبيان (٢ / ١٥٨ ـ ١٥٩) ، والدر المصون (٥ / ٢٣٠).