الأمة وأشرف الناس همّة أكابر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ (١).
وكانوا يتعاشرون بمكارم الأخلاق ومعالي الأمور ، حتى أن سعد بن الربيع الأنصاري قال لأخيه في الله وصديقه عبد الرحمن بن عوف : اختر إحدى زوجتيّ حتى أنزل لك عنها ، وخذ شطر مالي ، فقال له : بارك الله لك في أهلك ومالك ، [دلّوني](٢) على السوق (٣).
وحسبك بالصديق منزلة وحرمة : أن جعله الله تعالى بمنزلة النفس والأب والأم والأخ والعم والأقارب.
وقال ابن عباس : الصديق أكثر من الوالدين ، فإن الجهنّميين لما استغاثوا لم يستغيثوا بالآباء والأمهات وإنما قالوا : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ)(٤) [الشعراء : ١٠٠ ـ ١٠١].
وما أحسن ما قال بعضهم وقد قيل له : أيما أحب إليك صديقك أو أخوك؟ فقال : إنما أحب أخي إذا كان صديقي (٥).
قال قتادة وأكثر المفسرين : كان الرجل من بني ليث ـ حي من كنانة ـ يتحرّج أن يأكل وحده ، فربما قعد والطعام بين يديه ينتظر من يؤاكله نهاره إلى الليل ، فإن لم يجد أكل ضرورة ، فأنزل الله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ
__________________
(١) ذكره الآلوسي في روح المعاني (١٨ / ٢٢٠).
(٢) في الأصل : ودلوني. والتصويب من ب ، وصحيح البخاري (٢ / ٧٢٢).
(٣) أخرجه البخاري (٢ / ٧٢٢ ح ١٩٤٤).
(٤) ذكره الماوردي في تفسيره (٤ / ١٢٤).
(٥) ذكره القرطبي في تفسيره (١٢ / ٣١٦).