قال صاحب الكشاف (١) : فإن قلت : كيف كرّر في هذه السورة في أول كل قصة وآخرها ما كرّر؟
قلت : كل قصة منها كتنزيل برأسه ، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها ، فكانت كل واحدة منها تدلي بحق في أن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها وأن تختتم بما اختتمت به.
[ولأن](٢) في التكرير [تقريرا](٣) للمعاني (٤) في الأنفس ، وتثبيتا لها في الصدور.
ولأن هذه القصص طرقت بها آذان وقر عن الإنصات للحق ، وقلوب غلف عن تدبّره ، فكوثرت بالوعظ والتذكير ، وروجعت بالترديد والتكرير لعل ذلك يفتح أذنا ، أو يفتق ذهنا ، أو يصقل عقلا طال عهده بالصقل ، أو يجلو فهما قد غطّى عليه تراكم الصدأ.
(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١٩٥)
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) يعني : القرآن.
(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) وهو جبريل عليهالسلام.
__________________
(١) الكشاف (٣ / ٣٣٩).
(٢) في الأصل : وأن. والتصويب من ب.
(٣) زيادة من الكشاف (٣ / ٣٣٩).
(٤) في ب : اللمعاني. وهو سهو.