الشأن فالذين ينالون هذه السعادة من الأمور الطبيعية بالنسبة لهم أن يقوموا بأعمالهم بالوجد والحب والحرص الشديد على أداء أعمالهم على خير وجه ؛ لذا يجتمع الفراشون بمسجد السعادة والآخرون من المخلصين والمحبين بعد أداء الصلوات المكتوبة كل صباح أمام مخزن الزيت (١) الكائن فى نهاية مسجد السعادة فيدعون حسب العادة.
وبعد إتمام الدعاء يذهبون فى تؤدة إلى الروضة المعطرة وهم يصلون ويسلمون وقد أخذ كل خادم إناء نحاسيا صغيرا ودستة من فتيل مزيت وبعد أن يعطوا لأربعة منهم إبريقا مزينا مملوءا بزيت الزيتون.
ولما كان فى أيادى أغوات الحراسة الذين يسيرون أمام الفراشين عصيان ذات كلاليب فكل واحد منهم ينزل القناديل الخاصة به وبعد أن يغير (٢) الفراشون الذين بجانبهم فتائلها يعلقونها فى أماكنها ، ثم يصلون صلاة الإشراق ويعودون إلى أماكنهم. وبعد أن ينتهى الفراشون من مسح القناديل وتغيير فتائلها والكناسون من كنس الحرم الشريف ينادى أحد الخدم الذين اجتمعوا أمام الباب الشامى «يا كناس» وكأنه يريد أن يبين لزملائه أن وقت كنس الحجرة المعطرة قد حان ، ويسرع الكناسون للاجتماع أمام الباب الشامى من الحجرة المعطرة ويدخلون فى الحجرة المنيفة ويكنسونها وهم يوحدون ويهللون ثم يخرجون.
تأديب الأغوات المتهمين :
من مقتضيات الأصول المرعية أن يقف الأغوات كلهم من خبزيين والعجمى حسب رتبهم مصطفين بعد الانتهاء من خدماتهم فى تنظيف الحجرة اللطيفة والمسجد الشريف ، كما سبق تحريره ، وذلك لتأديب الأغوات المتهمين. ويأتى الأغا الذى كانت عليه نوبة الحراسة بالمتهمين فى الميدان وينسحب إلى مكانه وعندئذ يتقدم أحد ضباط الأغوات عدة خطوات ويقدم للمتهم بعض النصائح ثم يأمر بإحضار العصا كما أن استجواب المتهمين ومحاكمتهم يتمان فى مكان آخر
__________________
(١) يقال لهذه الخزانة «خزانة التعمير» أيضا.
(٢) إن سرعة إنزال القناديل وتعليقها مرة أخرى مهارة خاصة بخدمة الحجرة المعطرة.