بجنب قبر الرشيد ، قد زرته مراراً كثيرةً ، وما حلّت بي شدة في وقت مُقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عني ، إلّا استجيب لي وزالت عني تلك الشدة ، وهذا شيءٌ جربته مراراً فوجدته كذلك ، أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته صلّى الله عليه وعليهم أجمعين» (١). وأيضا يمكن معرفة مدى نفوذ الشيعة وانتشارها ونشاطها وحريتها في إبداء الرّأي في هذه المنطقة إذا لاحظنا المراسلات المتبادلة بين شيعة المنطقة ورءوس الإِمامية وأعلامها ببغداد وقم والرّي ، فالشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه القُمّي له رسالة كتبها جواباً على سؤال وُجّه إليه من أهالي نيسابور ، كما يجب ملاحظة أنّ كتاب (مَنْ لا يحضره الفقيه) وهو أحد الأصول الأربعة التي عليها اعتماد الشيعة في استنباط الأحكام قد ألّفها الصدوق بما وراء النهر ، فانه حينما سافر إلى تلك المنطقة سنة ٣٦٨ ه طلب منه شريف الدين أبو عبد الله محمد بن حسن بن إسحاق المعروف بنعمة أن يُصنِّف له كتاباً في الحلال والحرام ، وله أيضا كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) ألّفها لإِزالة بعض الشبهات حول المهدوية والتي أُثيرت عند الشيعة بما وراء النهر. وللشيخ المفيد والسيد المرتضى أيضا مثل هذه الرسائل الجوابية (٢).
__________________
(١) الثقات : ٨ ـ ٤٥٧.
(٢) روى النجاشي في رجاله (الرّجال : ٤٨ رقم ١٠٠) في ترجمة الحسن بن علي بن أبي عقيل العُمّاني الحذّاء : أنه «فقيه ، متكلم ، ثقة ، له كتاب في الفقه والكلام منها : كتاب (المتمسك بحبل آل الرسول صلىاللهعليهوآله كتاب مشهورٌ في الطائفة. وقيل ما ورد الحاج من خراسان الا طلب واشترى منه نسخٌ)».