٢ ـ الشيخ الطوسي في بغداد
غادر الطوسي خراسان نهائياً وإلى غير رجعة واتجه صوب العراق (١) فوصل إلى بغداد سنة ٤٠٨ ه ، وتعتبر فترة إقامته ببغداد فترة هامة له فقد دخلها شاباً مغموراً في بدايات العقد الثاني من عمره وخرج منها شيخاً بعد أربعين سنة ، وهو حينذاك زعيم الشيعة وشيخها المُقدّم وإمامها المطاع ، وبعد ان ملأ الخافقين صيته وشهرته ومؤلفاته.
ارتبط الشيخ الطوسي في بغداد بمجموعة كبيرة من الأعلام ، فحضر
__________________
(١) بالرغم من ان مدينتي قم والرّي كانتا تعدان من الحواضر العلمية الشيعية المهمة آنذاك وفيهما الفقهاء والمحدثون الكبار وكانت الزعامة الدينية عند الشيعة متمركزة في قم ، إلّا انه خلال سنوات هجرة الشيخ الطوسي من خراسان إلى العراق كانت قد انتقلت الزعامة الدينية إلى بغداد وذلك أثر وفاة شيخ المُحدّثين بقم أي الشيخ الصدوق علي بن بابويه القمّي واعتلاء نجم الشيخ المفيد زعيماً للطائفة ، هذا فضلاً عن ان هاتين الحاضرتين ـ وخاصة قم ـ كانت موئل المحدّثين والفقهاء فقط ، واما سِحر بغداد وأجوائها العلمية وجامعيتها من حيث احتضانها لجميع أرباب المذاهب الكلامية والفرق الدينية كانت تجذب إليها طلاب العلم ، ولهذه الأسباب وغيرها اختار الطوسي الهجرة إلى بغداد بدل ان يتوجه صوب قم أو الرّي.