مجالسهم واستمع منهم العلم وسوف نعدّد أسماءهم لاحقاً ، لكنه ارتبط باثنين من هؤلاء ارتباطاً وثيقاً فلازمهما واستفاد منهما كثيراً وكان لهما تأثيرات بعيدة المدى في تفكير الشيخ ـ وإن فاقهما الشيخ لاحقاً ـ وهما الشيخ محمد بن محمد بن النعمان العُكبري البغدادي المشهور بالمفيد أولا ، ثم الشريف المرتضى ثانياً ، فحضر الطوسي أولا مجالس المفيد (وهو يوم ذاك شيخ متكلمي الإمامية وفقهائها وانتهت رئاستهم إليه في وقته في العلم) مدة خمس سنوات (٤١٣ ـ ٤٠٨ ه) فظهرت خلال مدة قليلة فضائله وملكاته وشرع في تأليف كتاب (تهذيب الأحكام) يشرح فيه كتاب (المُقنعة) لأُستاذه الشيخ المفيد ، وقد أكثر في شرحه من عبارة (قال الشيخ أيّده الله تعالى) ويقصد به الشيخ المفيد حيث كان لا يزال حياً وتوفي سنة ٤١٣ ه وقبل أنْ يكمل الشيخ تأليفه ، وهذا الكتاب أحد الأُصول الأربعة التي يرجع إليها المجتهدون من الإمامية لاستنباط الأحكام الشرعية. وبعد وفاة الشيخ المفيد ارتبط الطوسي بخليفة المفيد في الزعامة وأبرز تلاميذه أي الشريف المرتضى ، وكانت للمرتضى منزلة اجتماعية راقية عند عامة الناس والدولة ، فقد كان نقيب الطالبيين ، وأمير الحاجّ ، وقاضي القضاة ، ومتولي ديوان المظالم ، هذا فضلاً عن علمه الّذي لم يدانه فيه أحدٌ في زمانه ، وقيل عنه : إنّه كان أكثر أهل زمانه أدباً وفضلاً. وأمّا ثروته الطائلة فقد بذلها في سبيل العلم وتربية الطلاب فأجرى على تلامذته رزقاً كلٌّ حسبَ مرتبته العلمية ، فكان للشيخ الطوسي أيام قراءته عليه كل شهر اثنا عشر ديناراً. وخلال فترة تلمذة الطوسي على الشريف أنجز تلخيص كتاب (الشافي في الإمامة) للشريف المرتضى وحاول من