أنّ كل واحد من هؤلاء الرّجال كان رأساً في فن من الفنون والمرجع الوحيد في ذلك العلم من العلوم الإسلامية ، وكان يعدّ قوله الحُجّة والقول الفصل ، فبينهم المتكلم البارع ، والأديب اللامع ، والأُصولي ، والمحدّث ، والفقيه ، والنحوي ، والمُقري والعالم بالقراءات والتفسير ، والرّجال والأنساب وغيرها. ويكفي أن نتصفح «تفسير التبيان» أو «الأمالي» أو «التهذيب» أو «العُدّة في أُصول الفقه» لنقف على قدرة الشيخ وسعة معلوماته وعمقها في مختلف العلوم الإسلامية.
وفي نهاية المطاف ينبغي أنْ نشير إلى أمرين وهما :
أولاً : مجلس الشيخ المفيد وداره اللتان كان يحضرهما جماعة من العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية ، ودار العلم لسابور بن أردشير وخزانة كتبه حيث كانت ملتقى رجال الفكر والأدب ، ومنتدى العلماء والباحثين يشدّون إليها الرِّحال ، وإليها كان يتردد أبو العلاء المعري وأضرابه ، وأيضا دار علم الشريف المرتضى ومكتبته العامرة التي كانت تحتوي على ثمانين ألف مجلد وأصبحت ملتقى العلماء والأُدباء والباحثين ، كما أن دار الشريف المرتضى كانت دار علم ومناظرة. فقد استفاد الشيخ الطوسي من جميع هذه المناهل العذبة فنمت قابلياته وترعرعت وأنتجت مدرسة عظيمة خالدة على مرّ الدهور ألا وهي مدرسة الشيخ الطوسي وتراثه الخالد.
ثانياً : نسب الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (١) ، والسُّبكي في (طبقات الشافعية الكبرى) الشيخ الطوسي إلى المذهب الشافعي ، قال :
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٨٠ : ٣٣٤.