الإِسلامية والفرق الكلامية أمثال : الماوردي ، والشيرازي الفيروزآبادي ، وإمام الحرمين الجُويني ، والباقلاني وأبو الحسين البصري ، وابن الصّباغ الشافعي ، والدامغاني الحنفي ، وأبو الوفاء البغدادي الحنبليّ ، وغيرهم من العلماء الذين عجّ بهم القرن الخامس الهجري. والواقع أنّ رجال الفكر والعلم كان الكثير منهم في عهد الدولة البويهية في مأمنٍ من الفوضى والاضطرابات. كما وامتاز عهد آل بويه بالخصب العلمي والأدبي بتأثيرهم الخاصّ أو بتأثير وزرائهم ، إذ كان بيت الوزير بمثل مدرسة بل جامعة تحوي ألواناً مختلفة من الثقافة وضروباً من العلم والأدب ، وكانوا لا يستوزرون أو يستكتبون إلّا العلماء والشعراء والكتّاب (١) ، وقد لعبت دُور العلم ببغداد دَوراً مهماً وبارزاً في إنعاش الحركة الفكرية ، منها «دار العلم» التي شيّدها الوزير البويهي أبو نصر بن سابور بن أردشير في سنة ٣٨١ ه ، وكان فيها أكثر من عشرة آلاف مجلد ، وبقيت هذه المكتبة تؤدّي دورها في خدمة العلم والفكر حتى عام ٤٥١ ه حيث احترقت عند دخول طغرل بيك بغداد. وأنشأ الشريف المرتضى ببغداد داراً أُخرى سمّاها «دار العلم» وكانت دار علمٍ ودراسةٍ وسكن للطلاب ، وألحقَ بها خزانة كتب حافلة وكبيرة (٢).
وهكذا غدت هذه المدينة خلال القرنين الرابع والخامس للهجرة مركزاً مهماً من مراكز العلم والثقافة ومبعث الحرية الفكرية.
وقد تعكَّر صفو هذه الحرية مرات عديدة بسبب الأحداث الطائفية
__________________
(١) تاريخ آداب اللغة العربية ٢ : ٢٢٧.
(٢) خزائن الكتب القديمة في العراق : ٢٣١.