التي كانت تثيرها الحنابلة غالباً ، إلّا أنّ السّمة الغالبة لهذه الفترة هي الهدوء والأمن ، لكن حدثت الانتكاسة الخطيرة والقاضية في العقد الرابع من هذا القرن وذلك حينما دخل طُغرل بيك السلجوقي بغداد بقواته واحتلها وطرد منها البساسيري. ونتج عن ذلك رجحان كفة السلفيّة والحنابلة ودعاة طرد العقلائية ، فهجموا على دُور العلم ، والمكتبات العامة ، والمدارس ، ومجالس النّظر والمناظرة ، فأحرقوها وقتلوا جماعة وهدّموا بعض دروب محلة الكرخ ـ والتي كانت تسكنها أغلبية شيعية ـ وهكذا وبدخول طغرل إلى بغداد سنة ٤٤٧ ه انتهى العهد الذهبي الثاني لبغداد وإلى الأبد ، ففرَّ الكثيرون إلى أماكن أُخرى نجاةً بأرواحهم من القتل ، ومنهم الشيخ الطوسي حيث فرّ إلى النجف الأشرف بعد حوادث العنف التي حدثت في بغداد عام ٤٤٨ ه ،
وفي نهاية المطاف يمكن أن نُلخّص أسباب سقوط بغداد ونهاية عهدها الذهبي وخسران الشيعة لبغداد كمركز ديني وثقل سياسي لها إلى العوامل التالية :
١ ـ ضعف الدَّيالمة وتفرّقهم وصراعهم الداخليّ.
٢ ـ ازدياد العُنصر التركي ونفوذهم وميلهم إلى السلفيّة.
٣ ـ اجتماع السببين السابقين أدى إلى حدوث اضطرابات خطيرة في عموم بغداد وخاصة المحلات الشيعية.
٤ ـ ظهور السلاجقة في خراسان وتوجههم نحو العراق أدّى إلى زيادة الضغط على الشيعة وارتفاع معنويات أعدائهم.
٥ ـ ظهور حركة البساسيري (٤٤٩ ـ ٤٤٧ ه) بدعم من الخلافة الفاطمية