في مصر وبعض أمراء الشيعة في العراق ، وما أعقبها من خلع الخليفة ووزيره عميد الملك الكندري ، وقيام دولة ذات ميول إسماعيلية في بغداد زاد من الضغط على الشيعة وأوقعهم في حرجٍ شديد ، وتحميل قوياً أنّ الشيخ الطوسي هرب من بغداد لئلا يضطرّ إلى تأييد البساسيري أو مماشاته ، وحينما سحب الخليفة الفاطمي ـ بتحريض من الوزير المغربي ـ تأييده ودعمه من البساسيري خَمَدت حركته وقُتل على أيدي جنود طُغرل.
٤ ـ خصائص مدرسة الشيخ الطوسي في بغداد
سبق لنا في الصفحات السابقة أن تحدّثنا عن القابليات الفذة للشيخ الطوسي حيث تمكَّن خلال فترة قصيرة بعد دخوله إلى بغداد من الالتحاق بمدرسة الشيخ المفيد ، وصار من أعلامها والمبرّزين فيها ، وقد اعتنى به شيخه المفيد وخصَّه بنفسه وأودعه مواهبه وعلمه ، ولا يخفى أنّ الذهبي ـ وهو من ألدّ أعداء المفيد وعامة من ينتهي إلى مذهب أهل البيت عليهمالسلام ـ قال في وصفه : «كان أوحد زمانه في جميع فنون العلم الأصلين الفقه والأخبار ، ومعرفة الرّجال ، والتفسير ، والنحو ، والشعر ، وكان يُناظر أهل كلّ عقيدة مع العظمة في الدولة البويهية ... كان مُديماً للمطالعة والتعليم ومِنْ أحفظ الناس ، قيل إنّه ما ترك للمخالفين كتاباً إلّا وحفظه وبهذا قَدر على حلّ شُبه القوم ، وكان مِنْ أحرص الناس على التعليم ، يدور على المكاتب وحوانيت الحاكة فيتلمّح الصبيّ الفَطن فيستأجره من