الفكرية في بغداد) (١).
٦ ـ برغم النشأة الفارسية والمحتد غير العربي للشيخ الطوسي ، فان الملاحظ في سيرته الذاتيّة ، وخاصة بعد هجرته إلى العراق انصهاره وذوبانه في الثقافة العربية الإسلامية ، فبرغم أنّ مدينة السلام كانت في تلك الأزمنة مدينة تعجُّ بمختلف المذاهب والقوميات والملل ، وبرغم أنّ العنصر الفارسي كان من أهم العناصر الناشطة في بغداد ، إلّا أنّ الغلبة كانت للعنصر العربي وللثقافة العربية الإسلامية ، وهذا ما أدّى إلى أن يصطبغ ـ قليلاً أو كثيراً ـ كلّ من دخل إلى بغداد بالصبغة العربية وأن تصير الثقافة العربية الإسلامية جزءاً من كيانه ومقوماته كما هو الحال بالنسبة إلى معظم أعلام الفكر والثقافة ببغداد من الفرس أو ممن انحدروا من أُصول فارسية ، إلا أنّ الملاحظ أنّ الشيخ الطوسي بالرغم من أنّه وُلد بطوس وهي قاعدة هامة من قواعد العنصر الفارسي حيث وُلد ونشأ وترعرع فيها الفردوسي ـ أعظم شاعر فارسي على الإطلاق وصاحب أكبر ملحمة فارسية وهي (الشاهنامه كتاب الملوك) ـ لكن الشيخ الطوسي حين دخل مدينة السلام ارتبط بمجموعة من مشايخه الأعلام من العرب أو المستعربين الذين أنسوه الفارسية وثقافتها فهجرهما نهائياً ولم يعد إليهما إلى حين وفاته ، فدرّس ، وناظر بالعربية ، وكتب جميع مؤلفاته بها حيث لم يُعهد له كتاب أو رسالة باللغة الفارسية.
__________________
(١) الشيخ الطوسي : ١٠٥.